وفيما قال نظر ، لأن «على» الاسمية تكتب ألفا ، وأصله واو اتفاقا لكنها إذا أضيفت إلى الضمير ، ينقلب الألف ياء ، تشبيها بعلى الحرفية ،
وقوله :
٧٥٧ ـ باتت تنوش الحوض نوشا من علا |
|
نوشا به تقطع أجواز الفلا (١) |
«علا» فيه ، مبني على الضم ، كقولهم : من عل ، بحذف المضاف إليه ،
ثم اعترض على نفسه (٢) ، وقال : فحاشا وخلا وعدا ، الحرفيّة ، لا أصل لألفاتها ، بخلافها فعلية ، وأجاب ، بأنها لما تضمنت معنى الاستثناء أشبهت الحرف في عدم التصرف ، فصارت كأنها لا أصل لألفاتها ؛
وهذا عذر بارد (٣) ؛
قوله : «فمن للابتداء» ، كثيرا ما يجري في كلامهم أن «من» لابتداء الغاية ، و «إلى» لانتهاء الغاية ؛ ولفظ الغاية يستعمل بمعنى النهاية وبمعنى المدى ، كما أن الأمد ، والأجل ، أيضا ، يستعملان بالمعنيين ، والغاية تستعمل في الزمان والمكان ، بخلاف الأمد والأجل ، فإنهما يستعملان في الزمان فقط ؛ والمراد بالغاية في قولهم : ابتداء الغاية ، وانتهاء الغاية : جميع المسافة ، إذ لا معنى لابتداء النهاية وانتهاء النهاية ؛
فمن ، للابتداء في غير الزمان عند البصريّة ، سواء كان المجرور بها مكانا نحو : سرت من البصرة ، أو غيره ، نحو قولهم : هذا الكتاب من زيد إلى عمرو ؛
__________________
(١) تنوش أي تتناول أي أنها لا تمعن في الشرب ، وهو في وصف ناقة أو في وصف ابل ، والبيت من شواهد سيبويه التي لم يعرف لها قائل وهو في سيبويه ج ٢ ص ١٢٣ ، ونسبه بعضهم إلى غيلان بن حريث ، أحد الرّجّاز ؛
(٢) أي اعترض على نفسه في القاعدة التي وضعها في عدّ الكلمات المشتركة بين الحرفية وغيرها ؛
(٣) كثيرا ما يعبّر الرضي في نقده بمثل هذا التعبير القاسي ؛