لأن : في الدار ، حال ، والعامل فيه معنى الإشارة ، كما في : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)(١) ، ولو صرّحت بما هو معناه لقلت : أشير إليه في الدار ، أي كائنا في الدار ، فلفظ أشير ، يعمل النصب في لفظ «في الدار» لكونه حالا ، لقيامه مقام الحال المحذوف ، وعمل الشيء في الحال غير عمله في المفعول به ، وكلامنا في عمل معنى الفعل في المفعول به بواسطة الحرف ، وعمل الفعل أو شبهه أو معناه في الحال لا يحتاج إلى حرف الجر ؛
ومن أمثلة تعدية الحرف لمعنى الفعل قولهم : أين أنت منيّ ، لأن معنى أين : أنت بعدت ؛
وقد مضى الكلام على ما اختلف فيه ، هل هو حرف جرّ ، أو ، لا ، من : لو لا ، وكي ، ولات (٢) ، وقد اختلف في «لعل» وسيجيء الكلام عليه ،
قال المصنف : فالعشرة الأول ، لا تكون إلا حروفا ، والخمسة التي تليها تكون حروفا وأسماء ، والثلاثة البواقي تكون حروفا وأفعالا ؛
قال : ولم أعدّ «على» اسما وفعلا وحرفا ، لأني أراعي في العدّ أن يكون بين الكلمتين المتخالفتين في النوع ، المتماثلتين في اللفظ توافق وتناسب من حيث المعنى ، كتشارك «على» الحرفية والاسمية في معنى العلوّ ، فلهذا لم أعدّ «من» فعلا أيضا ، مع أنه يكون أمرا من : مان يمين ، وكذا «في» مع كونه أمرا للمؤنث من وفي بفي ، و «له» أمرا من : ولي يلي ، وكذا ، لم أعدّ «إلى» اسما ، مع كونه يجيء بمعنى النعمة (٣) ، كلّ ذلك لاختلاف المعنيين ؛ قال : وأراعي ، أيضا ، في العدّ ، مع التشارك في المعنى : التساوي في أصل الوضع ، و «على» ، إذا كان فعلا يكتب بالألف وأصله الواو ، بخلافه إذا كان اسما أو حرفا ؛ وكذا «من» و «في» ، و «له» أفعالا ، أصلها : امين ، واوفى ، واولى ؛
__________________
(١) من الآية ٧٢ في سورة هود ؛
(٢) تقدم كل منها في موضعه ؛
(٣) وجمعها آلاء كقوله تعالى (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ؛)