نحو : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) ، أو مقدر ، نحو : أخذت من الدراهم ، أي : من الدراهم شيئا ؛
قال المبرد ، وعبد القاهر ، والزمخشري (١) ، ان أصل «من» المبعّضة : ابتداء الغاية ، لأن الدراهم في قولك أخذت من الدراهم : مبدأ الأخذ ؛
قوله : «وللتبيين» ، كما في قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ)(٢) ، وتعرفها بأن يكون قبل «من» ، أو بعدها ، مبهم ، يصلح أن يكون المجرور بمن ، تفسيرا له ، وتوقع اسم ذلك المجرور على ذلك المبهم ، كما يقال ، مثلا ، للرجس : إنه الأوثان ، ولعشرين ، إنها الدراهم في قولك : عشرون من الدراهم ، وللضمير في قولك : عزّ من قائل : إنه القائل ؛ بخلاف التبعيضية ، فإن المجرور بها لا يطلق على ما هو مذكور قبله أو بعده ، لأن ذلك المذكور بعض المجرور ، واسم الكل لا يقع على البعض ؛ فإذا قلت عشرون من الدراهم ، فإن أشرت بالدراهم إلى دراهم معيّنة أكثر من عشرين فمن مبعّضة ، لأن العشرين : بعضها ، وإن قصدت بالدراهم : جنس الدراهم فهي مبيّنة ، لصحة إطلاق اسم المجرور على العشرين ؛
ولا يلزم أن يكون المأخوذ في نحو : أخذت من الدراهم ، أقلّ من النصف ، كما قال بعضهم ، لأنه لا يمتنع أن تصرّح وتقول : أخذت من الثلاثين : عشرين ، ومن العشرة : تسعة ؛
وقال الزمخشري (٣) : كونها للتبيين : راجع إلى معنى الابتداء ؛
وهو بعيد ، لأن الدراهم هي العشرون في قولك : عشرون من الدراهم ، ومحال أن يكون الشيء مبدأ نفسه ، وكذلك الأوثان : نفس الرجس ، فلا تكون مبدأ له ؛ وإنما
__________________
(١) أبو العباس المبرد ، وعبد القاهر الجرجاني ، وجار الله : الزمخشري ، كلهم تقدم ذكرهم ؛
(٢) من الآية ٣٠ سورة الحج ؛
(٣) انظر شرح ابن يعيش على المفصل ج ٨ ص ١٠ ؛