إلا إذا كان الجار زائدا ، نحو : كفى بزيد ، لأن حرف الجر موصّل للفعل القاصر إلى ما كان يقصر عنه لولاه ، والفعل لا يقصر عن فاعله ؛
ولو صح تأويله ، لجاز أن يكون الكاف في قوله :
٧٦٠ ـ أتنتهون ، ولن ينهى ذوي شطط |
|
كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل (١) |
حرف جر وقد حذف الفاعل وأقيم الجار مقامه ، فلا يصح الاستدلال بالبيت على أن الكاف اسم ؛
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ)(٢) ، يجوز أن يستدلّ به على ما ذهب إليه المصنف ؛ ويجوز أن يقال : إن ضمير : «جاء» للقرآن ، وقوله : من نبأ ، حال ؛
والدليل على زيادة «من» الاستغراقية : دخولها على ما لا توصّل الفعل إليه ، أعني الفاعل ، في نحو : ما جاءني من أحد ؛ فعند سيبويه : لا تزاد «من» إلا استغراقية ، وعند الكوفيين والأخفش ، تزاد غير استغراقية كما في الموجب ؛ وفائدة «من» الاستغراقية : ما ذكرنا في باب «لا» التبرئة (٣) ، أعني التنصيص على كون النكرة مستغرقة للجنس ، إذ لولاها لاحتمل احتمالا مرجوحا أن يكون معنى ما جاءني رجل : ما جاءني رجل واحد بل جاءني رجلان أو أكثر ، فهي ، إذن ، لتأكيد ما استفيد من النكرة في غير الموجب من الاستغراق ، وذلك أن النكرة كانت في الظاهر للاستغراق ، لكنها كانت تحتمل غير ذلك ؛ وليس كذا : زيادة الباء في نحو : ألقى بيده ، فإنها ليست للتنصيص على أحد المحتملين ؛
__________________
(١) من قصيدة الأعشى ، ميمون بن قيس ، التي تعد إحدى المعلقات والتي أولها :
ودع هريرة إن الركب مرتحل |
|
وهل تطيق وداعا أيها الرجل |
ومنها شواهد كثيرة في هذا الشرح ؛
(٢) من الآية ٣٤ سورة الأنعام ؛
(٣) في الجزء الثاني. وقد فسّرنا أكثر من مرة وجه تسميتها «لا» التبرئة ؛