قوله : «وزائدة في غير الموجب» ، هو إمّا نفي ، نحو : ما رأيت من أحد ، أو نهي ، نحو : لا تضرب من أحد ، أو استفهام نحو : هل ضربت من أحد ؛
وغير الأخفش والكوفيين شرط فيها شرطين : كونها في غير الموجب ، ودخولها في النكرات ، والكوفيون والأخفش لا يشترطون ذلك استدلالا بقوله تعالى : (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ)(١) ، فمن : في حيّز الإيجاب ، وهي داخلة على المعرفة ؛
وهي ، عند سيبويه : مبعّضة ، أي يغفر لكم من ذنوبكم شيئا ، قالوا : فقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً)(٢) ، يناقضه ، وأجيب بأن قوله تعالى : «لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ» : خطاب لقوم نوح ، عليه السّلام ، وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) ، خطاب لأمة محمد ، صلّى الله تعالى عليه وسلم ؛ ولو كانا أيضا ، خطابا لأمة واحدة ، فغفران بعض الذنوب لا يناقض غفران كلها ، بل عدم غفران بعضها يناقض غفران كلها ؛
واستدلوا بما حكى البغداديون من قول العرب : قد كان من مطر ، وأجيب بأنه على سبيل الحكاية ، كأنه سئل : هل كان من مطر ، فأجيب قد كان من مطر ، فزيدت في الموجب ، لأجل حكاية المزيدة في غير الموجب ، كما قال : دعني من تمرتان ، كما مرّ في الموصولات (٣) ؛
وقول المصنف : شيء من مطر ، ومن ، للتبعيض أو التبيين ، فيه نظر ؛ لأن حذف الموصوف وإقامة الجملة أو الظرف مقامه بلا شرط ذكرناه في باب الموصوف (٤) : قليل ؛ وخاصّة إذا كان الموصوف فاعلا ، لأن الجارّ والمجرور ، لا يكون فاعلا للفعل المبني للفاعل ،
__________________
= التي يشتهيها، وهو يرتبط ببيت تقدم في باب الضمائر ، جاء شاهدا على حذف الحركة من الضمير وهو قوله:
فبت لدى البيت العتيق أريغه |
|
ومطواي مشتاقان له أرقان |
(١) من الآية ٤ سورة نوح ؛
(٢) من الآية ٥٣ سورة الزمر ؛
(٣) في أول الجزء الثالث ، والجملة المنقولة في سيبويه ج ١ ص ٤٠٣ ؛
(٤) وهو أن يكون الموصوف بعض اسم متقدم مجرور بمن أو في ، انظر باب النعت في الجزء الثاني ؛