وأيمن الله عند الكوفيين ، جمع يمين ، فهو مثل : يمين الله ، جعلت همزة القطع فيه وصلا ، تخفيفا لكثرة الاستعمال ، كما قال الخليل في همزة «أل» المعرّفة ؛ (١)
وعند سيبويه : هو مفرد مشتق من اليمن ، وهو البركة ، أي : بركة الله يميني ، وهمزته للوصل في الأصل ، والدليل عليه تجويز كسر همزته وإنما كان الأغلب فتح الهمزة لكثرة استعماله ، ويستبعد أن تكون الهمزة في الأصل مكسورة ثم فتحت تخفيفا ، لعدم «إفعل» بكسر الهمزة (٢) في الأسماء والأفعال ، ولذا قالوا في الأمر من : نصر : انصر بضم الهمزة ، ويستبعد أصالة «أفعل» في المفردات أيضا ، فيصدق ههنا قوله :
فأصبحت أنّى تأتها تشتجر بها |
|
كلا مركبيها تحت رجليك شاجر(٣) ـ ٥٠٢ |
وإذا تكررت الواو بعد واو القسم ، نحو قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ، وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى)(٤) ، فمذهب سيبويه والخليل (٥) ، أن المتكررة واو العطف وقال بعضهم هي واو القسم ، والأوّل أقوى ، وذلك لأنها لو كانت واو القسم لكانت بدلا من الباء ولم تفد العطف وربط المقسم به الثاني وما بعده بالأول ، بل يكون التقدير : أقسم بالليل ، أقسم بالنهار : أقسم بما خلق ، فهذه ثلاثة أيمان كل واحد منها مستقل ، وكل قسم لا بدّ له من جواب ، فتطلب ثلاثة أجوبة ؛ فإن قلنا حذف جوابان استغناء بما بقي بعد الحذف ، فالحذف خلاف الأصل ، وإن جعلنا هذا الواحد جوابا للمجموع ، مع أن كل واحد منها ، لاستقلاله ، يطلب جوابا مستقلا ، فهو ، أيضا ، خلاف الأصل ، فلم يبق إلا أن نقول : القسم شيء واحد ، والمقسم به ثلاثة ، والقسم هو الطالب للجواب ، لا المقسم به ، فيكفيه جواب واحد ،
__________________
(١) انظر باب المعرفة والنكرة في الجزء الثالث ؛
(٢) أي بكسر الهمزة وضم العين ؛
(٣) تقدم هذا الشاهد في باب الظروف المبنية ، في الجزء الثالث ، وهو من شعر لبيد بن ربيعة ، ومن شواهد سيبويه ج ١ ص ٤٣٢ والقصد منه هنا أن اعتبار أيمن مفردا يوقع في إشكال سواء فتحت الهمزة أو كسرت ؛
(٤) الآيتان الأولى والثانية من سورة الليل ؛
(٥) في سيبويه ج ٢ ص ١٤٦ ؛