عن الجوع ، أي : بعّده عن الجوع بسبب الاطعام ، وكذا : أدّيت الدّين عن زيد ؛ وقولهم : رويت عنه علما ، وأخذته عنه : مجاز ، كأنك نقلته عنه ؛ وقولك : جلست عن يمينه ، أي : تراخيت عن موضع يمينه بالجلوس ؛ وقوله تعالى : (يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(١) ، مضمّن معنى : يتجاوزون ، و : (طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(٢) ، أي طبقا متجاوزا في الشدّة عن طبق آخر دونه في الشدّة ، فيكون كل طبق أعظم في الشدّة ممّا قبله ، وقوله : عن طبق ، صفة لطبقا ، وليس المراد : طبقين فقط ، بل المقصود حنس أطباق ، كل واحد منها أعظم من الآخر ، فهو مثل التثنية في لبّيك ، وقوله تعالى : (كَرَّتَيْنِ)(٣) ، والمراد في الكل : التكثير والتكرير ، فاقتصر على أقلّ مراتب التكرير وهو الاثنان ؛ تخفيفا ، وكذا قولهم :
٨٠٨ ـ ورث السيادة كابرا عن كابر (٤)
أي كابرا متجاوزا في الفضل عن كابر آخر ، وقال بعضهم : أي كابرا بعد كابر ، والأولى : إبقاء الحروف على معناها ما أمكن ؛
وقوله :
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب |
|
عي ولا أنت ديّاني فتخزوني (٥) ـ ٥١١ |
ضمّن فيه «أفضلت» معنى : تجاوزت في الفضل ؛
__________________
(١) الآية ٦٣ سورة النور ؛
(٢) الآية ١٩ سورة الانشقاق ؛
(٣) الآية ٣ سورة الملك ؛
(٤) صدر بيت ورد بلفظ : ورث ، في شعر الفرزدق وتمامه : ضخم الدسيعة كلّ يوم فخار. وورد بلفظ : ورثوا ، في قصيدة لكعب بن زهير في مدح الأنصار ، حيث عتبوا عليه بعد أن أشاد بالمهاجرين في قصيدته بانت سعاد ، فأنشأ قصيدة خاصة في مدحهم ، يقول فيها :
من سرّه كرم الحياة فلا يزل |
|
في مقنب من صالحي الأنصار |
ورثوا السيادة كابرا عن كابر |
|
إن الخيارهم بنو الأخيار |
(٥) من قصيدة لذي الأصبع العدواني ، وتقدم الاستشهاد به في باب الظروف المبنية ، الجزء الثالث ؛