قال أبو عبيدة (١) في : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى)(٢) ، أي بالهوى ، والأولى أنها بمعناها ، والجار والمجرور صفة للمصدر ، أي : نطقا صادرا عن الهوى ، ف من في مثله تفيد السببيّة ، كما في قولك : قلت هذا عن علم ، أو عن جهل ، أي قولا صادرا عن علم .. ؛
وقوله :
٨٠٩ ـ تصدّ وتبدي عن أسيل وتتّقي |
|
بناظرة من وحش وجرة مطفل (٣) |
ضمّن تبدي معنى تكشف ، أي تكشف الغطاء وتبعده عن وجه أسيل ؛
قوله : «وعلى للاستعلاء» ، إمّا حقيقة نحو : زيد على السطح ، أو مجازا نحو : عليه دين ، كما يقال : ركبه دين ، كأنه يحمل ثقل الدّين على عنقه أو على ظهره ، ومنه : عليّ قضاء الصلاة ، وعليه القصاص ، لأن الحقوق كأنها راكبة لمن تلزمه ، وكذا قوله تعالى : (كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) ، (٤) تعالى الله عن استعلاء شيء عليه ، ولكنا إذا صار الشيء مشهورا في شيء من الاستعمال : لم يراع أصل معناه ، نحو : ما أعظم الله ؛
ومنه : توكّلت على فلان ، واعتمدت عليه ؛
وأمّا قوله :
إذا رضيت عليّ بنو قشير |
|
لعمر الله أعجبني رضاها (٥) ـ ٧٦٣ |
فلحمل «رضيت» في التعدّي على ضدّه ، أي سخطت ، كما حمل بعت منه ، على :
__________________
(١) أبو عبيدة. بالتاء ، هو معمر بن المثنى ، شيخ أبي عبيد : بدون تاء ، القاسم بن سلام صاحب القريب المصنف ، وكلاهما تكرر ذكره في هذا الشرح ؛
(٢) الآية ٣ سورة النجم ؛
(٣) من معلقة امرئ القيس التي تكرر الاستشهاد بأبياتها في هذا الشرح. والأسيل : الناعم. ووجرة اسم مكان ، والمطفل : الظبية. أو الناقة معها طفلها ؛
(٤) الآية ٧١ سورة مريم ؛
(٥) تقدم في معاني «إلى» في هذا الجزء ؛