ومعنى زيد فاسق كما أن عمرا صالح : أي هذا صحيح كصحة ذاك ؛
وتقول : حقا أنك ذاهب ، وجهد رأيي أنك قائم ، بالفتح لا غير ، لأن المعنى : في حق ، وفي جهد رأيي ؛ وإذا جئت بأمّا فقلت : أمّا حقا فإنك ذاهب ، وأمّا جهد رأيي فإنك قائم ، فالكسر هو الوجه ، لأنك لم تضطرّ مع «أمّا» إلى جعل الظرفين خبرين لأنّ ، كما كنت مضطرّا إليه من دون أمّا ، وذلك لأن معمول ما في حيّز «إن» يتقدم عليها مع «أمّا» ، لما يجيء في حروف الشرط ، نحو : أما يوم الجمعة فإنك سائر ، وأمّا زيدا فإنك ضارب ولا يتقدّم عليها من دون «أمّا» ، فاضطررت إلى فتح «أن» وجعل الظرف المتقدم خبرا ،
قال سيبويه (١) : يجوز : أمّا في رأيي فأنك ذاهب بالفتح ؛ والوجه الكسر ، لأنك غير مضطر إلى فتحها ؛
وتقول : أمّا في الدار فإنك قائم بالكسر ، إذا قصدت أن قيام المخاطب حاصل في الدار ، وأمّا إن أردت أن : في الدار هذا الحديث وهذا الخبر فإنه يجب الفتح ؛
والتعريف (٢) المذكور ، أعني : الفتح في مواضع المفردات ، والكسر في مظانّ الجمل ، أولى من تعريف أبي علي : «كل موضع يصلح للاسم والفعل فالكسر ، وكل موضع تعيّن لأحدهما فالفتح» ، لأن ما بعد فاء الجزاء يجوز فيه الفعل والاسم ، كقوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ)(٣) ، ولا يتعيّن الكسر فيه ، وأيضا ، ما بعد إذا المفاجأة ، يتعيّن للاسم ولم يتعيّن فيه الفتح ؛
__________________
(١) في الكتاب ، ج ١ ص ٤٦٩ ؛ وفي هذا الموضع من الكتاب كثير مما ذكره الشارح هنا ؛
(٢) يقصد الضابط الذي تعرف به مواضع كل من الفتح والكسر ؛
(٣) الآية ٩٥ سورة المائدة ؛