أن تكون «لا» نهيا ، فينجزم الفعل إلا عند أبي علي ، كما تقدّم ؛
فإن وليت ما فيه معنى القول ، ووليها فعل متصرف مصدّر بغير «لا» من حروف العوض نحو : أوحي إليك أن ستفعل ، فمخففة أو مفسّرة ، وكذا قوله تعالى : (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا)(١) ، لأن الفصل بالنداء كلا فصل.
وإن وليت ما فيه معنى القول ولم يلها الفعل الصّرف ، بل وليها اسمية ، نحو : ناديته أن زيد في الدار ، فهي ، أيضا ، مفسّرة ، أو مخففة ، ولا يجوز كونها مصدرية ، لوجوب دخولها على الفعل.
وكذا إن وليتها الشرطية كقوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ ..)(٢) ، وقوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) ، إلى قوله : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا ...)(٣).
وأجاز الأخفش (٤) أن تنصب «أن» الزائدة (٥).
وجوّز (٦) الكوفيون كون «أن» شرطية بمعنى «إن» المكسورة ، كما ذكرنا في قولك : أمّا أنت منطلقا انطلقت (٧) ؛ وقالوا في قوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ ..)(٨) إنّ فتح الهمزة وكسرها بمعنى واحد ، ومنع ذلك البصريون.
وجوّز بعضهم كون «أن» المفتوحة بمعنى «إن» المكسورة النافية.
__________________
(١) الآية ١٠٤ سورة الصافات.
(٢) الآية ١٤٠ سورة النساء.
(٣) من أول سورة الجن إلى الآية ١٦ منها.
(٤) الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة وتكرر ذكره كثيرا في الأجزاء السابقة.
(٥) استدل لذلك بقوله تعالى : (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية ٢٤٦ سورة البقرة وقد خرجها الجمهور على عدم الزيادة.
(٦) انتقال إلى ذكر معنى جديد لأن.
(٧) في خبر كان قسم المنصوبات في الجزء الثاني من هذا الشرح.
(٨) الآية ٢ سورة المائدة.