وإن وليها فعل متصرف من غير حرف عوض : احتملت أن تكون مصدرية وأن تكون مفسّرة ، ولا تحتمل المخففة لعدم العوض ، وذلك كقوله تعالى : (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ)(١) ، بمعنى : أي بورك ، أو بمعنى : بالمباركة ، ولو قلنا إن «بورك» بمعنى الدعاء ، فهي مفسّرة لا غير ، وكذا في نحو : أمرته أن قم ، وذلك لأن صلة المخففة ، كما لا تكون أمرا ولا نهيا ولا غيرهما مما فيه معنى الطلب إجماعا ، فكذا صلة المصدرية ، أيضا ، على الأصح ، كما يجيء في الحروف المشبهة بالفعل (٢).
وأجاز سيبويه (٣) كون صلة المصدرية ذلك ، على أن يكون معنى : أمرته أن قم ، أي أمرته بأن قم أي بالقيام.
وقال أبو علي (٤) في قوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ..)(٥) : يجوز أن تكون مصدرية فتكون بدلا من «ما» أو من الهاء في «به» ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو أن اعبدوا ، وأن تكون مفسّرة.
وفي حكمه : ناديته أن يا زيد قم ، لأن الفصل بالنداء كلا فصل ، وكأنّ الفعل ولي «أن».
وإذا وليت ما فيه معنى القول ، ووليها فعل متصرف مصدر بلا جاز كونها مخففة ومفسّرة ومصدرية نحو قولك : أمرته أن لا يفعل ، وأوحي إليك أن لا تفعل ، فإن كانت مخففة ، ف : «لا» للنفي ، ولا يجوز أن تكون للنهي ، لأن المخففة ، كالمثقّلة لا تدخل على الطلبيّة ، فيرتفع الفعل ، وإن كانت مفسّرة جاز كون «لا» للنفي ، أو للنهي ، فيرتفع الفعل أو ينجزم ، وإن كانت مصدرية ، انتصب الفعل ، أي : أمرته بألّا يفعل ، ولا يجوز
__________________
(١) الآية ٨ سورة النمل.
(٢) وهي ان واخواتها ، في آخر هذا الجزء.
(٣) ج ١ ص ٤٧٩.
(٤) أي الفارسي وتقدم ذكره.
(٥) الآية ١١٧ سورة المائدة.