في زمان أو في مكان ، فقولك جاءني زيد وعمرو ، أو : فعمرو ، أو : ثمّ عمرو ، أي حصل الفعل من كليهما ، بخلاف : جاءني زيد أو عمرو ، أي حصل الفعل من أحدهما دون الآخر ؛
قوله : «فالواو للجمع مطلقا» ، معنى المطلق ، أنه يحتمل أن يكون حصل من كليهما في زمان واحد ، وأن يكون حصل من زيد أوّلا ، وأن يكون حصل من عمرو أوّلا ، فهذه ثلاثة احتمالات عقلية ، لا دليل في الواو على شيء منها ؛
هذا مذهب جميع البصريين والكوفيين ، ونقل بعضهم عن الفراء والكسائي وثعلب ، والرّبعي ، وابن درستويه (١) ، وبه قال بعض الفقهاء : انها للترتيب ، دليل الجمهور : استعمالها فيما يستحيل فيه الترتيب ، وفيما : الثاني فيه قبل الأول ، كقوله :
٨٧١ ـ أغلى السّباء بكلّ أدكن عاتق |
|
أو جونة قدحت وفضّ ختامها (٢) |
وقوله تعالى : (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي)(٣) ، وقوله تعالى : (نَمُوتُ وَنَحْيا)(٤) ، والأصل في الاستعمال : الحقيقة ؛ ولو كانت للترتيب ، لتناقض قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ)(٥) ، وقوله تعالى في موضع آخر : (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً)(٦) ، إذ القصة واحدة ؛
ثم اعلم أن الواو ، مرة تجمع وتشرك الاسمين فصاعدا ، في فعل واحد ، نحو : قام زيد وعمرو ، أي حصل منهما القيام ، ومرّة تجمع الفعلين فصاعدا في اسم واحد نحو :
__________________
(١) تقدم ذكر هؤلاء جميعا في أجزاء هذا الشرح ؛
(٢) من معلقة لبيد بن ربيعة العامري ، وقوله أغلى السباء ، أي اشترى الخمر بالثمن الغالي ، والمراد بالأدكن الزق الذي يوضع فيه الخمر ، والجونة : الخابية المطلية بالقار والباء في بأدكن بمعنى في ، أي اشترى الخمر الموضع في الزق الأدكن أو الجونة .. الخ ؛
(٣) من الآية ٤٣ في سورة آل عمران ؛
(٤) من الآية ٢٤ سورة الجاثية ؛
(٥) الآية ٥٨ سورة البقرة ؛
(٦) الآية ١٦١ سورة الأعراف ؛