زيد قام وقعد ، أي حصل كلا الفعلين من زيد ، ومرّة تجمع مضموني الجملتين فصاعدا في الحصول ، نحو : قام زيد ، وقعد عمرو ، ونحو : زيد قائم وعمرو قاعد ؛
فإن قلت : لو لم تجئ بالواو في عطف الجملة ، لعلم ، أيضا ، حصول مضموني الجملتين ، فما فائدتها؟
قلنا : بلى ، ولكن كان يحتمل احتمالا مرجوحا : أن يكون الكلام الأول غلطا ، ويحتمل حصول أحد الأمرين ؛ فبالواو صار نصّا في حصول الأمرين معا ، ففائدة الواو في مثله ، كفائدة «لا» في مثل قولك : ما جاءني زيد ولا عمرو ، كما يجيء ، فكأنه زائد يفيد النص ، وإن لم يعدّه النحاة في الزوائد ؛
واعلم أنك إذا نفيت نحو : جاءني زيد وعمرو ، مثلا ، وقلت : ما جاءني زيد وعمرو ، بلا قيد ، فهو في الظاهر نفي للاحتمالات الثلاثة ، أي : لم يجيئا ، لا في وقت واحد ، ولا مع الترتيب
والأكثر على ألّا يعطف على المنفي بالواو ، الّا وبعد الواو «لا» ، نحو : ما جاءني زيد ولا عمرو ؛ وذلك لأن الواو ، وإن كان في الظاهر للجمع المشتمل على الاجتماع في وقت ، وعلى الترتيب ، إلّا أنه ، لما كان يستعمل كثيرا للاجتماع في وقت ، كما في المفعول معه ، وواو الصّرف (١) ، ومع العطف أيضا ، نحو : كل رجل وضيعته ، وكيف أنت وقصعة من ثريد ؛ خيف أن يكون مراد المتكلم : ما جاءني زيد مع عمرو ، فيكون قد نفى الاجتماع في وقت ؛ لا ترتّب مجيء أحدهما على مجيء الآخر ، فجيء بلا ، في الأغلب دفعا لهذا التوهم ، وبيان أن المراد نفي الاحتمالات الثلاثة ؛
وقد تزاد فيما لا يحتمل الترتيب طردا ، كقوله تعالى : «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا
__________________
(١) المراد بها الواو التي ينصب بعدها المضارع في جواب الأمور المعروفة ، لأنها تصرف ما بعدها عن ظاهر العطف الذي هو أصلها ، وانظر تفصيل ذلك في نواصب المضارع أول هذا الجزء.