العاطفتان في المعنى سواء ، الّا في شيء واحد ، وهو أنّ «أو» ، تجيء بمعنى «إلى» أو «إلّا» (١) ، وتجيء ، أيضا ، للإضراب بمعنى «بل» فلا يكون ، إذن ، بعدها الّا الجمل ، فلا تكون حرف عطف ، بل حرف استئناف وإذا كانت حرف عطف ، فقد تعطف المفرد على المفرد ، نحو : جاءني زيد أو عمرو ، وقد تعطف الجملة على الجملة ، نحو : ما أبالي : أقمت أو قعدت ؛
وتقول في الاستئناف : أنا أخرج اليوم ، ثم يبدو لك الإقامة فتقول : أو أقيم ، أي : بل أقيم على كل حال ، وهي في هذه الصورة محتملة للعطف فتكون على ذلك التقدير متردّدا بين الخروج والإقامة ؛
وأمّا قوله :
٨٨١ ـ بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى |
|
وصورتها أو أنت في العين أملح (٢) |
فلا يحتمل العطف إذ لا يصح قيام الجملة بعدها مقام قوله : قرن الشمس ، كما هو حق المعطوف ؛ وكذا في قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)(٣) ، أي : (بل يزيدون) ؛ وإنما جاز الاضراب ببل في كلامه تعالى ، لأنه أخبر عنهم بأنهم مائة ألف ، بناء على ما يحزر (٤) الناس من غير تعمق ، مع كونه تعالى عالما بعددهم وأنهم يزيدون ، ثم أخذ ، تعالى ، في التحقيق ، فأضرب عمّا يغلط فيه غيره بناء منهم على ظاهر الحزر ، أي أرسلناه إلى جماعة يحزرهم الناس مائة ألف وهم كانوا زائدين على ذلك ؛
وكذا قوله تعالى : (كَلَمْحِ الْبَصَرِ)(٥) ، بناء على ما يقول الناس في التحديد ثم أضرب
__________________
(١) أي يصح أن يقع في موقعها أحدهما ، وانظر ص ٧٥ من هذا الجزء في نواصب المضارع ؛
(٢) قوله : وصورتها بالجر ، عطفا على قوله قرن الشمس أي هي مثل قرن الشمس أو مثل صورتها ثم أضرب ملتفتا إلى قوله أو أنت .. ونسب ابن جني البيت إلى ذي الرمة وقال البغدادي : لم أجده في ديوانه ؛
(٣) الآية ١٤٧ سورة الصافات ؛
(٤) أي يقدرون تقديرا مبنيا على التخمين والحدس ؛
(٥) من الآية ٧٧ في سورة النحل ؛