منهما أو : ما رأيت أحدهما ، أو : ما رأيت زيدا ولا عمرا ، وإن أردت نفي رؤية أحدهما لا رؤيتهما ، فإن تعيّن عندك ذلك الواحد ، وقصدت تعيينه للمخاطب ، سمّيته ، نحو : ما رأيت زيدا ، أو : ما رأيت عمرا ، وإن لم يتعيّن عندك ، أو تعيّن وقصدت الإبهام قلت : ما رأيت زيدا أو عمرا ، فيكون المعنى : ما رأيت أحدهما ورأيت الآخر ؛
وكذا إن نفيت الأمر وهو النهي ، كما إذا قلت مثلا في : اضرب زيدا أو عمرا : لا تضرب زيدا أو عمرا ، فالقياس يقتضي أن يكون المعنى : لا تضرب أحدهما واضرب الآخر ، كما كان في الأمر معناه : اضرب أحدهما ولا تضرب الآخر ؛
فإن قلت : فلا يبقى ، إذن ، فرق بين الأمر والنهي ، ولا بين الخبر المثبت والمنفي في : رأيت زيدا أو عمرا ، وما رأيت زيدا أو عمرا ؛
قلت : لا يبقى فرق في أصل الوضع ، إلا إذا كان المعدود (١) أكثر من اثنين فإنك إذا قلت : اضرب زيدا أو عمرا أو خالدا ، فالمعنى اضرب أحدهم ولا تضرب الباقيين ، وإذا قلت : لا تضرب زيدا أو عمرا أو خالدا ، فالمعنى : لا تضرب أحدهم واضرب الباقيين ، وكذا في الخبر ، نحو : رأيت زيدا أو عمرا أو خالدا ، وما رأيت زيدا أو عمرا أو خالدا ، وهذا القياس هو مقتضى أصل الوضع ، ثم بعد ذلك ، جرت عادتهم أنه إذا استعمل لفظ «أحد» ، أو ما يؤدّي معناه ، في الإثبات ، فمعناه : الواحد فقط ، وإذا استعمل في غير الموجب فمعناه ، العموم في الأغلب ، ويجوز أن يراد الواحد فقط ، أيضا ؛
تفسير ذلك : أنك إذا قلت في الموجب مصرّحا بالواحد : رأيت واحدا من زيد وعمرو ، مثلا ، وكذلك فيما يؤدي معنى الواحد ، نحو : رأيت رجلا منهما ، أو : رأيت زيدا أو عمرا ، فإن كل واحد من الألفاظ الثلاثة أفاد أنك رأيت واحدا منهما فقط ، وإذا قلت في غير الموجب : ما رأيت واحدا منهما ، أو : ما رأيت رجلا منهما ، أو : ما رأيت زيدا أو عمرا ، فإن كل واحد من الألفاظ الثلاثة ، وإن احتمل أن تريد به الواحد
__________________
(١) أي المذكور في الكلام والمقصود منه ؛