عليّ ، ثم بيّن الأمرين بقوله : أقمت أم قعدت ؛ وهذا كما في قوله تعالى : (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا ، سَواءٌ عَلَيْكُمْ) أي : الأمران سواء ؛
وسواء ، لا يثّنى ولا يجمع ، وكأنه في الأصل مصدر ؛ وحكى أبو حاتم تثنيته وجمعه ، وردّه أبو علي ؛
وقولك : أقمت أم قعدت بمعنى : إن قمت وإن قعدت ، والجملة الاسمية المتقدمة ، أي : الأمران سواء ، دالة على جواب الشرط ، أي : إن قمت ، وإن قعدت فالأمران سواء عليّ ؛ ولا شك في تضمن الفعل بعد سواء ، وما أبالي ، معنى الشرط ، ولذلك استهجن الأخفش ، على ما حكى أبو علي عنه في الحجة (١) : أن يقع بعدها الابتدائية ، نحو : سواء عليّ ، أو : ما أبالي : أدرهم مالك أم دينار ، ألا ترى إلى إفادة الماضي في مثله معنى المستقبل ، وما ذلك إلّا لتضمنه معنى الشرط ؛
وأمّا قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(٢) فلتقدم الفعلية ، وإلّا لم يجز ؛
ومن وقوع الاسمية موقع الفعلية قوله تعالى : (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ)(٣) ، أي : فلتستووا ، لتقدم الاستفهام الدال عليه ؛ ومن ذلك قوله :
لو بغير الماء حلقي شرق |
|
كنت كالغصّان بالماء اعتصاري (٤) ـ ٦٤٤ |
وكذلك استقبح الأخفش وقوع المضارع بعدهما ، نحو : سواء عليّ أتقوم أم تقعد ، وما أبالي أتقوم أم تقعد ، لكون إفادة الماضي معنى الاستقبال أدلّ على إرادة معنى الشرط فيه ؛
__________________
(١) كتاب لأبي علي الفارسي في توجيه القراءات ، وتقدم ذكره ؛
(٢) آية الأعراف المتقدمة قبل قليل ؛
(٣) الآية ٢٨ سورة الروم ؛
(٤) تقدم ذكره ص ٥٥ في هذا الجزء ؛