وأجاز الكوفيون مجيء «لكن» العاطفة للمفرد بعد الموجب أيضا ، نحو : جاءني زيد لكن عمرو ، حملا على «بل» ، وليس لهم به شاهد ، وكون وضع «لكن» لمغايرة ما بعدها لما قبلها يدفع ذلك ، إلّا أن : لا يسلّموا هذا الوضع ؛
وإذا وليها جملة ، وجب ، أيضا : المغايرة المذكورة ، كما ذكرنا في المشدّدة ، وتقع بعد جميع أنواع الكلام ، إلا بعد الاستفهام والترجّي والتمني والعرض والتحضيض ، على ما قيل ؛
وذهب يونس إلى أنها في جميع مواقعها مخففة من الثقيلة وليست بحرف عطف ، وليها مفرد أو جملة ، وذلك لجواز دخول الواو عليها ، ففي المفرد يقدر العامل بعدها ؛
ويشكل ذلك عليه ، إذا وليها مجرور بلا جارّ ، نحو : ما مررت بزيد لكن عمرو ؛ فالأولى ، كما قال الجزولي : إنها في المفرد عاطفة إن تجرّدت عن الواو ، وأمّا مع الواو فالعاطفة هي الواو ، و «لكن» لمجرّد الاستدراك ، واختار فيما بعدها الجمل أن تكون مخففة لا عاطفة ، صحبتها الواو أو ، لا ، لموافقتها الثقيلة في مجيء الجملة بعدها ، وهي مع الواو ليست عاطفة اتفاقا ، وأمّا المجرّدة عنها فإن وليها المفرد فعاطفة ، خلافا ليونس ، وإن وليها جملة فقيل عاطفة ، وهو ظاهر مذهب الزمخشري (١) ، فلا يحسن الوقف على ما قبلها ، وقيل مخففة ، كما هو مذهب الجزولي ، فيحسن الوقف على ما قبلها ، لكونها حرف ابتداء ؛
__________________
(١) انظر عبارته في المفصل وشرح ابن يعيش عليه ، ج ٨ ص ١٠٤ ؛