فلما كان أصلها «قد» وهي من لوازم الأفعال ، ثم تطفلت على الهمزة ، فإن رأت فعلا في حيّزها ، تذكرت عهودا بالحمى ، وحنّت إلى الإلف المألوف وعانقته ، وإن لم تره في حيّزها تسلّت عنه ذاهلة ؛
ومع وجود الفعل ، لا تقنع به مفسّرا أيضا ، للفعل المقدر بعدها ، فلا يجوز اختيارا : هل زيدا ضربته ، كما مرّ في المنصوب على شريطة التفسير (١) ؛
قوله : «والهمزة أعمّ» ، يعني أنها تستعمل فيما لم تستعمل فيه «هل» ؛ منها : أنه لا يقال : هل زيد خرج ، لا على كون زيد مبتدأ ، ولا على كونه فاعلا لفعل مقدر ، ولا يقال : هل زيدا ضربت على أن زيدا منصوب بما بعده ، ولا بمقدر ، ولا يقال : هل زيدا ضربته على أن زيدا منصوب بمقدر ، كل ذلك لما تقدم ؛
ومنها : أن الهمزة تستعمل في الإثبات للاستفهام أو للإنكار أيضا ، قال تعالى : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢) ، وقال الشاعر :
٩١٠ ـ أطربا وأنت قنّسريّ (٣) ،
ومن ذلك : أزيدنيه ، في الإنكار (٤) ، ولا تستعمل «هل» للإنكار ؛ وإذا دخلت الهمزة على النافي ، فلمحض التقرير ، أي حمل المخاطب على أن يقرّ بأمر يعرفه ، نحو : (أَلَمْ نَشْرَحْ)(٥) و : (أَلَمْ يَجِدْكَ)(٦) ، و : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ)(٧) وهي في الحقيقة للإنكار ،
__________________
(١) في الجزء الأول ؛
(٢) الآية ٢٨ سورة الأعراف ؛
(٣) من أرجوزة أو قصيدة للعجاج أولها :
بكيت والمحتزن البكيّ |
|
وإنما يأتي الصبا الصبيّ |
قال البغدادي : القنّسري معناه : الشيخ المسنّ ، ولم يسمع إلا في هذا البيت ؛
(٤) يأتي بحثه في آخر الكتاب ؛
(٥) أول سورة الشرح ؛
(٦) الآية ٦ سورة الضحى ؛
(٧) الآية ٤٠ سورة القيامة ؛