وإنكار النفي إثبات ؛ وأمّا «هل» فلا تدخل على النافي أصلا ؛ ومنها : أن الهمزة تستعمل مطردا مع «أم» التسوية ، ولا تستعمل «هل» معها ، إلا شاذا ، كما مرّ ؛
وتختص «هل» بحكمين دون الهمزة ، وهما كونها للتقرير في الإثبات ، كقوله تعالى :
(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ)(١) ، أي ألم يثوّب ، وقولهم : هذه بتلك وهل جزيتك يا عمرو وإفادتها إفادة النافي ، حتى جاز أن يجيء بعدها «الّا» قصدا للإيجاب ، كقوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٢) وقال :
٩١١ ـ وهل أنا الّا من غزية إن غوت |
|
غويت ، وإن ترشد غزية أرشد (٣) |
ومن خصائص الهمزة أن تدخل على الفاء ، والواو ، وثمّ ، كما تقدم في حروف العطف ، ولا تدخل «هل» عليها ، لأنها فرع الهمزة فلا تتصرف تصرّفها ؛
وهذه الحروف تدخل على «هل» ولا تدخل على الهمزة ، لكونها أصلا في الاستفهام الطالب للتصدر ، قال تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(٤) ، وقال الشاعر :
وهل أنا إلا من غزية ... البيت ؛
وتقول : إن أكرمتك فهل تكرمني ، ولا تقول : فأتكرمني كما مرّ في الجوازم ، وتقول : أسلّم عليه ثم هل يلتفت إليّ ؛ ولا تجيء الهمزة بعد «أم» ويجوز ذلك في «هل» وسائر كلم الاستفهام ، لعروض معنى الاستفهام فيها ، كما تبيّن من مذهب سيبويه ، أعني حذف همزة الاستفهام قبل هذه الأسماء وعراقة الهمزة في الاستفهام فلا يجمع بين حرفي استفهام ، قال :
__________________
(١) الآية ٣٦ سورة المطففين ؛
(٢) الآية ٦٠ سورة الرحمن ؛
(٣) من قصيدة لدريد بن الصمة في رثاء أخيه عبد الله يقول فيها :
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا |
|
فقلت : أعبد الله ذلكم الرّدى |
وذكر البغدادي قصة طويلة في سبب قتله ، وغزيّة اسم قبيلة دريد بن الصمة ؛
(٤) الآية ١٤ سورة هود ؛