مستقلة على جملة مستقلة ، فمن حيث كون «إذن» في أول جملة مستقلة ، هو مصدر ، فيجوز انتصاب الفعل بعده ، ومن حيث كون ما بعد العاطف من تمام ما قبله بسبب ربط حرف العطف بعض الكلام ببعض ، هو متوسط ؛ وارتفاع الفعل بعد العاطف أكثر ولهذا لم يقرأ : «وإذن لا يلبثوا ..» (١) إلا في الشاذ ، لأنه غير متصدر في الظاهر.
ثم اعلم أن الفعل المنصوب المقدّر بالمصدر (٢) ، مبتدأ ، خبره محذوف وجوبا ، فمعنى ، إذن أكرمك : إذن إكرامك حاصل ، أو واجب ؛ وإنما وجب حذف خبر المبتدأ لأن الفعل ، لما التزم فيه حذف «أن» التي بسببها تهيّأ أن يصلح للابتدائية ، لم يظهر فيه معنى الابتداء حقّ الظهور. فلو أبرز الخبر لكان كأنه أخبر عن الفعل ؛ وكذا القول في المنصوب بعد الفاء ، على ما يجيء.
وأمّا قولهم (٣) تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، فشاذ.
وإنما ارتكب ادّعاء أن «إذن» زمانية محذوفة الجملة المضاف إليها ، لظهور معنى الزمان فيها في جميع استعمالاتها ، كما في «إذ» ، فإن معنى إن جئتني إذن أكرمك : في وقت المجيء إكرامك ، وكذا : لو زرتني إذن أكرمتك ، ولا سيما في قوله تعالى : (فعلتها إذن وأنا من الضالين) (٤) ، وقولهم : إذن أظنك كاذبا ، بالرفع ، فإنها متمحضة للزمان ولا شرطية فيها ؛ وقلب نونها ألفا في الوقف (٥) يرجح جانب الاسمية فيها.
ونقل عن المازني أنه كان لا يرى الوقف عليها بالألف ، لكونها حرفا كإن ، وأجاز المبرد الوجهين ، وقال الفراء : إذا أعملتها فاكتبها بالألف وإذا ألغيتها فاكتبها بالنون ، لئلا
__________________
(١) منسوبة إلى ابن مسعود ؛
(٢) أي الواقع بعد إذن كما ارتضى أنه منصوب بأن مقدرة ؛
(٣) هذا المثل ورد بأوجه ثلاثة أقواها التصريح بأن ، ويليه رفع تسمع على أنه مراد به مصدره فهو مبتدأ أيضا ، وأضعفها النصب بدون «أن» ؛
(٤) تقدمت قريبا وهي الآية ٢٠ من سورة الشعراء ؛
(٥) بين النحاة خلاف طويل في كتابة إذن ، وفي الوقف عليها ، وهو. غالبا. مبني على اختلافهم في أصل وضعها. وكتابتها بالنون وكذلك الوقف عليها رأي قوي. وقد جريت عليه.