«إذن» لما كان اسما بخلاف أخواته ، جاز أن يفصل بينه وبين الفعل بأحد ثلاثة أشياء ، دون الفاء والواو.
القسم ، نحو : إذن والله أكرمك ، والدعاء نحو : إذن رحمك الله ، أكرمك ، والنداء نحو : إذن يا زيد أكرمك ، وذلك لكثرة دور هذه الأشياء في الكلام.
ولا يفصل بينه وبين منصوبه بالظرف وشبهه ، فلا يقال : إذن عندك يفصل الأمر ، ولا بالحال نحو : إذن قائما أضربك ، لأن الظرف والحال ، إذن ، يكونان معمولين للفعل الذي هو صلة «أن» ، ولا يتقدم على الموصول ، ما في حيّز الصلة ، بخلاف القسم والدعاء والنداء.
وإنما اشترط في نصب الفعل ألّا يتوسط «إذن» بل يتصدّر ، لأن نصب الفعل ، على ما قلنا ، لغرض التنصيض على معنى الشرط في «إدن» والشرط مرتبته الصدر ، فإذا توسطت كلمة الشرط ضعف معنى الشرطية الأصلية ، فمن ثمّة تقول : والله إن أتيتني لأضربنك (١) فكيف بالشرطية العارضة ، فكما ضعف معنى الشرط ، لم يراع ذلك بنصب الفعل بعده.
فحصل مما تقدم : أن شرط وجوب انتصاب الفعل في الأفصح بعد «إذن» ثلاثة أشياء : تصدّره (٢) ، وذلك إذا كان جوابا ، وأن يليه الفعل غير مفصول بينهما بغير القسم والدعاء والنداء ، وألّا يكون الفعل حالا ؛ وأمّا إذا تصدّر من وجه دون وجه ، وذلك إذا وقع بعد العاطف ، كقوله تعالى : (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً)(٣) ، وكقولك : تأتيني فإذن أكرمك ؛ جاز (٤) لك نصب الفعل وترك نصبه ، وذلك أنك عطفت جملة
__________________
(١) يريد حذف الجواب عند توسط الشرط بين القسم وجوابه ؛
(٢) أي تصدر إذن ، وسيشرح المراد من التصدر ؛
(٣) الآية ٧٣ المتقدمة من سورة الإسراء ؛
(٤) هذا جواب أما ، في قوله : وأما إذا تصدر من وجه الخ. وحقه أن يكون مقرونا بالفاء ويقع مثل هذا كثيرا في كلام الشارح. وكان يغنيه أن يقول : فان تصدر من وجه دون وجه الخ ؛