الملزوم حقيقة في قصد المتكلم مقام الملزوم في كلامهم ، أعني الشرط ، وحصل ، أيضا من قيام جزء الجزاء موقع الشرط ما هو المتعارف عندهم من شغل حيّز واجب (١) الحذف بشيء آخر ، ألا ترى أن حذف خبر المبتدأ بعد «لولا» ، وبعد القسم ، لم يحذف وجوبا إلا مع سدّ جواب «لولا» وجواب القسم مسدّه ؛ وحصل أيضا ، بقاء الفاء متوسطة للكلام كما هو حقها ، ولو لم يتقدم جزء الجزاء لوقعت فاء السببية في أول الكلام ؛
وكذا ، يتقدم على الفاء من أجزاء الجزاء : المفعول به ، أو الظرف ، نحو : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٢) ، وأمّا يوم الجمعة فأنا ذاهب ، إذا قصدت أنهما ملزومان لحكم ؛ والمعنى أن عدم القهر ينبغي أن يكون لازما لليتيم ، وذهابي : لازما (٣) ليوم الجمعة ، وكذا غير ذلك من معمولات الخبر كالحال نحو : أمّا مجرّدا فإني ضاربك ، والمفعول المطلق نحو : أمّا ضرب الأمير فإني ضاربك ، والمفعول له ، نحو أمّا تأديبا فأنا ضاربك ؛ فلا يستنكر عمل ما بعد فاء السببية فيما قبلها ، وإن كان ذلك ممتنعا في غير هذا الموضع ، لأن تقديم المعمولات المذكورة ، لأجل الأغراض المهمّة المذكورة ؛
ولا تقول ، مثلا : إن جئتني ، زيدا فأنا ضارب ، على أن زيدا مفعول ضارب ، إذ لم يحصل بالتقديم شيء من تلك الأغراض ؛
ثم إنه يجوز التقديم للأغراض المذكورة وإن كان هناك مانع من التقديم غير الفاء ، نحو : أما يوم الجمعة فإنّ زيدا سائر وكذا نحو : أمّا زيدا فما أضرب ؛
ولا تقدّم من أجزاء الجملة شيئين فصاعدا ، لأنك لا تتجاوز قدر الضرورة ، فلا تقول : أما زيد ، طعامك فلا يأكل ؛
وقد تقع كلمة الشرط ، مع الشرط ، من جملة أجزاء الجزاء ، مقام الشرط ، كقوله
__________________
(١) أي حيّز الشيء الواجب الحذف ؛
(٢) الآية ٩ سورة الضحى ؛
(٣) تقديره : وأن يكون ذهابي لازما ؛