وروى يونس عن بعض العرب نصبه ، قال سيبويه (١) : هي خبيثة قليلة ، قال ، ومع ذلك ، لا يجوز هذا النصب الضعيف في المعرف ، إلّا إذا كان غير معيّن ، ليكون في موضع الحال ، كما في : الجمّاء الغفير ، وأمّا إذا أردت بالعبيد عبيدا معيّنة ، فلا يجوز فيه إلا الرفع ، كما في قولك : أما البصرة فلا بصرة لك ، وأمّا أبوك فلا أبا لك ؛
أقول : أما الحمل على الحال في مثله فضعيف ، ولا معنى له ، بل هو على أنه مفعول به لما بعد الفاء ، لأن معنى ذو عبيد : أي يملكهم ، وذلك ، كما روى الكسائي : أمّا قريشا فأنا أفضلهم ، أي أغلبهم في الفضل ؛
وقولهم : أمّا أن يكون عالما فهو عالم ، «أن» فيه مبتدأ ، أي : أمّا كونه عالما فحاصل ، والخبر مدلول ما بعد الفاء ، وكذا قولهم : أما أن لا يكون عالما فهو عالم ، أي : أما عدم كونه عالما فليس بحاصل ؛
وقال سيبويه (٢) : «لا» في : أن لا يكون ، زائدة ، كما في قوله : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ)(٣) ؛
وفي الصور التي ذكرتها خبط كثير للنحاة ، وهذا الذي ذكرته أقرب عندي ؛
وقد تحذف «أمّا» لكثرة الاستعمال نحو قوله تعالى : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(٤) ، و : (هذا ، فَلْيَذُوقُوهُ)(٥) ، و : (فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)(٦) وإنما يطرد ذلك ، إذا كان ما بعد الفاء أمرا أو نهيا ، وما قبلها منصوب به أو بمفسّر به ، فلا يقال :
__________________
(١) سيبويه ج ١ ص ١٩٥ ؛
(٢) الموضع السابق ذكره ؛
(٣) الآية ٢٩ سورة الحديد.
(٤) الآيات ٣ ، ٤ ، ٥ في سورة المدثّر ؛
(٥) الآية ٥٧ سورة ص ؛
(٦) الآية ٥٨ سورة يونس ؛