زيدا فضربت ، ولا زيدا فضربته ، بتقدير «أمّا» ، وأما قولك : زيد فوجد ، فالفاء فيه زائدة ؛ وقوله :
وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... (١) ـ ٧٦
قد ذكرنا في باب المبتدأ ، أنّ مثله على كلامين عند سيبويه ، وعلى زيادة الفاء عند الأخفش (٢) ؛
وإنما جاز تقدير «أمّا» بالقيد المذكور ، لأن الأمر ، لإلزام الفعل لفاعله ، والنهي لإلزام ترك الفعل لفاعله ، فناسبا إلزام الفعل أو تركه للمفعول وذلك بأن يقدّر «أمّا» قبل المنصوب ، وتدخل فاؤها على الأمر والنهي ، فإن ما قبل فاء «أمّا» ملزوم لما بعدها ، كما ذكرنا ؛
وأمّا قوله تعالى : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ)(٣) ، وقوله : (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا ..)(٤) فلإجراء الظرف مجرى كلمة الشرط ، كما ذكر سيبويه في نحو قولهم : زيد حين لقيته فأنا أكرمه ، على ما مرّ في الجوازم ؛ وذلك في «إذ» مطرد ، على ما مرّ في الظروف المبنيّة ؛
ويجوز أن يكون قوله : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ)(٥) ، وقوله : (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ)(٦) ، من باب : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(٧) أي : ممّا أضمر فيه «أمّا» ؛
وإنما جاز إعمال المستقبل الذي هو «فَسَيَقُولُونَ» و (فَأْوُوا) ، و : «فَأَقِيمُوا» : في الظروف الماضية التي هي : إذ لم يهتدوا ، و : (إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ) : (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ، وإن
__________________
(١) تقدم في الجزء الأول ، باب المبتدأ والخبر
(٢) فيكون ما بعدها خبرا عن خولان ؛
(٣) الآية ١١ سورة الأحقاف ؛
(٤) الآية ١٣ سورة المجادلة ؛
(٥) الآية ١٦ سورة الكهف ؛
(٦) الآية السابقة ؛ قبل قليل ؛
(٧) الآية الخامسة في سورة المدثر وتقدمت قريبا ؛