كان وقوع الفعل المستقبل في الزمن الماضي محالا لما ذكرنا في نحو : أمّا زيد فمنطلق ، من الغرض المعنوي ، أي قصد الملازمة ، حتى كأنّ هذه الأفعال المستقبلة ، وقعت في الأزمنة الماضية ، وصارت لازمة لها ، كل ذلك لقصد المبالغة ؛
قوله : «وهو معمول لما في حيّزها» ، أي : ما بين «أمّا» والفاء : معمول لما في حيّز الفاء ، أي لما بعدها ، وليس ذلك بمطلق عند المصنف ، لأن المبتدأ في نحو : أمّا زيد فقائم ، خارج عنه ، إذ العامل فيه الابتداء عنده ، وكذا أداة الشرط مع الشرط في نحو قوله : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(١) ، خارجة عنه ؛
قوله : «مطلقا» أي سواء كان ما بعد الفاء شيء يجب له صدر الكلام كإنّ ، وما ، النافية في نحو : أمّا يوم الجمعة فإنك مسافر ، أو لم يكن ، وذلك للغرض المذكور ؛
هذا مذهب المبرد ، واختاره المصنف ؛
وقال بعضهم : هو معمول للمحذوف مطلقا ، أي سواء كان بعد الفاء شيء يمنع من عمل ما بعد الفاء فيما قبلها ، أو ، لا ؛
فنحو أمّا زيد فقائم ، عنده ، بتقدير : أمّا ذكر زيد فهو قائم ، وأمّا يوم الجمعة ، فزيد قائم ، أي : أمّا ذكرت يوم الجمعة .. ؛
وليس ذلك بشيء ، إذ لو كان كذلك لجاز النصب في نحو : أمّا زيد فقائم ، على تقدير : أمّا ذكرت زيدا فهو قائم ، ولا يجوز اتفاقا ، ولجاز الرفع في أمّا يوم الجمعة فزيد قائم ، ولا يجوز إلا بتأويل بعيد أي قائم فيه ؛
وإنما ارتكب هؤلاء هذا المذهب ، نظرا إلى أن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها ، ولا يفصل بين المبتدأ والخبر بالفاء في نحو : أمّا زيد فقائم ؛
__________________
(١) الآية ٨٨ من سورة الواقعة وتقدمت قريبا ؛