ولم يتنبّهوا إلى أن التقديم في مثل هذا المقام الخاص للأغراض المذكورة ؛
وذهب المازني إلى أنه : إن لم يكن بعد الفاء مستحق للتصدّر ، كإنّ ، و «ما» ، أو مانع آخر من عمل العامل فيما قبله ، ككون العامل صفة ومعموله قبل موصوفه ، نحو : أمّا زيدا فأنا رجل ضارب ؛ أو كون المعمول تمييزا وعامله اسم تام ، نحو : أمّا درهما فعندي عشرون ، أو كون العامل مع نون التأكيد نحو : أمّا زيدا فلأضربنّه ، أو صلة نحو : أمّا القميص فأن تلبس خير لك ؛ فإن لم يكن أحدها ، فالعمل لما بعد الفاء ، وإن كان بعد الفاء أحد هذه الموانع ، فالعامل هو المقدّر ، وهو معنى قوله : وإلّا فمن الثاني ؛
وليس ، أيضا بشيء ، لأنه إذا جاز التقديم للغرض المذكور مع المانع الواحد ، وهو الفاء ، فلا بأس بجوازه مع مانعين أو أكثر ، لأن الغرض مهم ، فيجوز ، لتحصيله ، إلغاء مانعين فصاعدا ، والدليل على ذلك : امتناع النصب في نحو : أمّا زيد ، فإنه قائم ، ولو كان معمولا لمقدّر لم يمتنع تقدير ناصب ، نحو : ذكرت ، وغيره ؛
قال ابن خروف (١) : وقد تبدل الميم الأولى من «أمّا» ياء ، قال :
٩٢٧ ـ رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت |
|
فيضحى ، وأمّا بالعشيّ فيخصر (٢) |
__________________
(١) أبو الحسن : علي بن محمد الأندلسي ، بن خروف من علماء القرن السادس وتقدم له ذكر ؛
(٢) من قصيدة طويلة لعمر بن أبي ربيعة ، وقد روى على الأصل : أمّا إذا الشمس ، ومن أبيات هذه القصيدة بعض الشواهد في هذا الشرح ؛