فضرورة ، وإنما حسّن الزيادة ، «ما» في «ربّ» ، وترفعن ، في حيّزها (١) ؛
وتجيء النون بعد المنفي بلا ، إذا كانت «لا» متصلة بالمنفيّ ، قياسا عند ابن جنيّ ، لأنها ، إذن ، تشبه النهي ، واستشهد بقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(٢) ؛ وقيل : إن «لا» في الآية للنهي (٣) ؛
وقد تجيء مع «لا» النافية منفصلة ، نحو : لا في الدار يضربن زيد ، وعند أبي علي ، لا تجيء بعد النفي اختيارا ، لعريّه من معنى الطلب ، وتجرّده من «ما» المؤكدة في الأوّل ؛
قال سيبويه (٤) : تدخل بعد «لم» تشبيها لها بلاء (٥) النهي من جهة الجزم ، قال :
٩٣٥ ـ يحسبه الجاهل ما لم يعلما |
|
شيخا على كرسيّه معمّما (٦) |
وربّما لحقت المضارع خاليا من جميع ما ذكرنا ، قال سيبويه : ويجوز في الضرورة : أنت تفعلنّ ؛
__________________
(١) يعني أن وجود «ما» متصلة بربّ ، والفعل في حيّزها ، هو الذي جعل هذه الزيادة مقبولة وإن كان مع ذلك ضرورة ؛
(٢) الآية ٢٥ سورة الأنفال ؛
(٣) على اعتبار «لا» نافية أو ناهية ، جملة لا تصيبنّ صفة للفتنة ، ولا فرق بينهما إلا أنه في حالة كونها ناهية لا بد من تقدير القول لأن النعت لا يكون جملة طلبية ؛
(٤) سيبويه ٢ / ١٥٢ وما بعدها ؛
(٥) تقدم أن هذا التعبير جاء من القصد إلى إعراب «لا» فضعّف ثانيها وهو الألف فقلبت الثانية همزة ؛
(٦) الشاهد في سيبويه ٢ / ١٥٢ بدون نسبة ، ونسبه بعضهم إلى أبي الصمعاء : مساور بن هند العبسيّ ، وفي العيني أنه لأبي حيان الفقعسي ، وشرحه الأعلم على أن المراد به جبل كساه النبات من كثرة الخصب فأشبه شيخا ملففا في ثيابه وفرق بينه وبين قول امرئ القيس :
كأن ثبيرا في عرانين وبله |
|
كبير أناس في بجاد مزمّل ؛ |
قال البغدادي : لم بصب الأعلم في هذا ، وذكر خلافا طويلا في نسبة الشعر ، وأورد قطعة طويلة يتبين منها أن الشاهد في وصف لبن في اناء قد علته الرغوة فأشبه شيخا معمما جالسا على كرسي ، وقال انه تشبيه ظريف جدا ؛