وعند الخليل أن الناصب مضمر بعدها (١) ، بناء على مذهبه ، وهو أنه لا ناصب سوى «أن».
ومذهب الكوفيين ، أنها في جميع استعمالاتها حرف ناصبة مثل «أن» ويعتذرون في نحو : كيما أن تغرّ ، بأن «أن» زائدة ، أو بدل من كي ، وفي : كي لتقضيني ، بزيادة اللام ، كما في : (ردِف لكم) (٢) وفي : «كيمه» (٣) بأن الفعل المنصوب بكي ، مقدّر ، و «ما» منصوب بذلك الفعل ، كأنه قيل : جئتك ، فتقول : كيمه ، أي كي أفعل ماذا.
وفي اعتذارهم هذا مخالفة لعدة أصول : أحدها : حذف الصلة وإبقاء معمولها (٤) ، والثاني : نصب «ما» الاستفهامية متأخرة عن الفعل المقدّر ، ولا تنصب إلا مقدمة عليه ، ولهم أن يقولوا : المقدّر كالمعدوم ، إلّا أنّ «كي» يكون ، إذن ، متقدما على كلمة الاستفهام ، مع أنه لا يكون مركبا معه ككلمة واحدة للاستفهام ، كما في : لمه ، وبمه ، فإن الجار والمجرور ككلمة واحدة ، فيسقط «ما» بهذا الوجه عن التصدر اللفظي.
والثالث : حذف ألف «ما» الاستفهامية غير مجرورة ، ولا نظير له في كلامهم.
وعند البصريين : كي قد تكون ناصبة بنفسها كأن ، وجارّة مضمرا بعدها «أن» ؛ فإذا تقدمها اللام نحو : (لِكَيْلا تَأْسَوْا)(٥) ، فهي ناصبة لا غير بمعنى «أن» ، وليس فيها معنى التعليل ، بل هو مستفاد من اللام ، وإذا جاء بعدها «أن» ، فهي ، إذن ، جارّة لا غير ، بمعنى لام التعليل ، وهكذا في «كيمه» ولا تجر الاسم الصريح إلا في «كيمه» ؛ وفي غير هذه المواضع ، نحو : جئتك كي تكرمني ، يحتمل أن تكون ناصبة بنفسها
__________________
(١) أي بعد كي ؛
(٢) من الآية ٧٣ سورة النمل ؛
(٣) يعني في السؤال عن علة الشيء ، والهاء للسكت ؛
(٤) الصلة هي الفعل المقدر ، ومعمولها هو اسم الاستفهام المتصل بكي ؛
(٥) الآية ١٣ من سورة الحديد وتقدمت قريبا.