التمني ، كما يجيء (١) ؛ ولا يصح تقدير «كي» ، لأن «كي» لا تستعمل إلا في مقام السببيّة ، سواء كانت بمعنى «أن» ، نحو : لكي أقوم ، أو بمعنى اللام ؛ بلى ، قد جاءت «كي» بمعنى «أن» من غير سببية ، لكن بعد فعل الإرادة نحو قول أبي ذؤيب :
٦٤٦ ـ تريدين كيما تجمعيني وخالدا |
|
وهل يجمع السيفان ، ويحك في غمد (٢) |
كما جاءت اللام المنصوب بعدها الفعل لغير السببية بعد الإرادة ، أيضا ، كقوله تعالى : «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ (٣) ...» ، وبعد فعل الأمر ، كقوله تعالى : (وأُمرتُ لأعدِل بينكم) (٤) ، فتكون اللام زائدة ، كما في : (رَدِف لكم) (٥) ، وإذا كان في «كي» معنى السببية ، لم يصح تقديرها في نحو : أسير حتى تغرب الشمس ؛ فلم يبق إلّا «أن» التي هي أم الباب ، ولأنه ثبت تقديرها أيضا في غير هذا الباب ، نحو : «وتقر عيني .. (٦)» و : «أحضر الوغى» (٧) ، وحمل المشكوك فيه على ما ثبت أولى.
قوله : «وحتى إذا كان مستقبلا بالنظر إلى ما قبله» ، نحو : سرت حتى أدخلها ، يعني ، ليس يجب أن يكون الدخول وقت التكلم بهذا الكلام مستقبلا مترقبا ، بل الشرط أن يكون مضمون الفعل الواقع بعد حتى ، مستقبلا بالنظر إلى مضمون الفعل الذي قبلها ، كالدخول بالنظر إلى السير ، فان الدخول ، كان عند السير مترقبا بلا ريب ، فيجوز النصب ، سواء كان الدخول وقت الإخبار ، ماضيا أو حالا أو مستقبلا ، أو لم يكن
__________________
(١) في قسم الحروف.
(٢) من أبيات قالها أبو ذؤيب الهذلي ، وكان أرسل خالدا المذكور ، وهو ابن عم له ، وقيل هو ابن أخته ، إلى امرأة يهواها ، برسالة ، وكان خالد جميلا فعشقته تلك المرأة وهجرت أبا ذؤيب ، ثم ندمت وبعثت إلى أبي ذؤيب تستعيد ودّه ؛ فقال هذه الأبيات ، وهي ، مع القصة في ديوان الهذليين ؛
(٣) الآية ٣١ سورة الأحزاب.
(٤) الآية ١٥ سورة الشورى.
(٥) من الآية ٧٢ سورة النمل وتقدمت.
(٦ و ٧) إشارة إلى الشاهدين المتقدمين قريبا ؛ كما تقدم ذكر الثاني منهما في الجزء الأول ؛