فالمضارع بعدها في تقدير مبتدأ محذوف الخبر وجوبا ، فمعنى قم وأقوم ، أي : قم وقيامي ثابت ، أي في حال ثبوت قيامي ، وإمّا بمعنى «مع» وهي لا تدخل إلا على الاسم فلما قصدوا ههنا ، مصاحبة الفعل للفعل ، نصبوا ما بعدها ، فمعنى قم وأقوم : أي قم مع قيامي ، كما قصدوا في المفعول معه مصاحبة الاسم للاسم فنصبوا ما بعد الواو ؛ ولو جعلنا الواو عاطفة للمصدر على مصدر متصيّد من الفعل قبله ، كما قال النحاة ، أي : ليكن منك قيام وقيام مني ، لم يكن فيه نصوصيّة (١) على معنى الجمع ، كما لم يكن ، في تقديرهم ، في الفاء معنى السببيّة ، بل كون واو العطف للجمعية قليل ، نحو : كل رجل وضيعته (٢) ، والأولى في قصد النصوصية في شيء على معنى : أن يجعل على وجه يكون ظاهرا فيما قصد النصوصية عليه.
وإنما شرطوا في نصب ما بعد فاء السببية كون ما قبلها أحد الأشياء المذكورة ، لأنها غير حاصلة المصادر فتكون كالشرط الذي ليس بمتحقق الوقوع ، ويكون ما بعد الفاء كجزائها ، ثم حملوا ما قبل واو الجمعية في وجوب كونه أحد الأشياء المذكورة ، على ما قبل فاء السببيّة ، التي هي أكثر استعمالا من الواو في مثل هذا الموضع ، أعني في انتصاب المضارع بعدها ، وذلك لمشابهة الواو للفاء في أصل العطف ، وفي صرف ما بعدها عن سنن العطف لقصد السببية في إحداهما والجمعية في الأخرى ، وأيضا لقرب معنى الجمعيّة من التعقيب الذي هو لازم السببية.
ثم اعلم ، أنه لمّا كان ما بعد الفاء مبتدأ محذوف الخبر وجوبا (٣) ، صارت الفاء مع ما بعدها أشدّ اتصالا بما قبلها من الجملة الجزائية بالجملة الشرطية ، فجاز في هذا الجواب ما لا يجوز في الجملة الجزائية ، وذلك أنك تفصل به بين الفعل الذي قبل الفاء ومفعوله ، نحو : هل تعطي فيأتيك ، زيدا ، ويتوسط أيضا بين أداة الاستفهام التي هي «هل»
__________________
(١) كلمة مستحدثة من قبيل المصادر الصناعية معناها كون اللفظ دالا على معنى معيّن لا يحتمل غيره والرضي يستعملها كثيرا ؛
(٢) انظر باب المبتدأ في الجزء الأول ؛
(٣) بناء على ما اختاره فيما تقدم ؛