ويحذف في السّعة شرطها وحده إذا كان منفيا بلا ، مع إبقاء «لا» ، نحو قولك : إيتني وإلّا أضربك ، أي : وإلّا تأتني أضربك ، وكذا يحذف بعد «إمّا» الشرطية مع بقاء «لا» ، إذا تقدم ما يكون جوابا من حيث المعنى ، كقولك : افعل هذا إمّا لا ، أي : إمّا لا تفعل ذاك فافعل هذا.
وعند الكوفيين ، تجيء «إن» بمعنى «إذ» ، قالوا في قوله تعالى : (وإن كنتم في ريب ...) (١) : إنها بمعنى إذ ، لأن «إن» مفيدة للشك تعالى الله عنه.
والجواب : أنّ «إن» ليست للشك ، بل لعدم القطع في الأشياء الجائز وقوعها وعدم وقوعها ، لا للشك ، ولو سلّمنا ذلك أيضا ، قلنا : انه تعالى يستعمل الكلمات استعمال المخلوقين (٢) ، وإن كان يستحيل مدلولها في حقه تعالى ، لضرب (٣) من التأويل ، كقوله تعالى : (ليبلواكم فيما آتاكم) (٤) ، لما كان التكليف من حيث التخيير في صورة الابتلاء ، وقال تعالى : (لعلكم تتقون) (٥) ، لما كانوا في صورة من يرتجى منهم ذلك ، وقال : (يضلّ مَن يشاء) (٦) ، أي يترك الإلطاف لمن يعلم أنه لا ينفعه ذلك ، فكذا قال تعالى : (إن كنتم مؤمنين) (٧) ، و : (وإن كنتم في ريب) (٨) ، لمّا كان أمرهم في نفسه محتملا للإيمان وضده ، وللارتياب وضده ، لا بالنسبة إلى علم الباري تعالى.
قوله : «مهما» ، اختلف فيها ، فقال بعضهم : هي كلمة غير مركبة على وزن
__________________
= أن تجده. وفي آخر البيت ذكرت أداة الشرط فقط وحذف شرطها وجوابها. والرجز مما نسب إلى رؤبة بن العجاج ؛
(١) الآية ٢٣ سورة البقرة ؛
(٢) لأنه يخاطبهم بما يجري على ألسنتهم.
(٣) أي لنوع من التأويل.
(٤) الآية ١٦٥ سورة الأنعام ؛
(٥) من الآية ٢١ في سورة البقرة ومثلها كثير.
(٦) من الآية ٨ في سورة فاطر ؛
(٧) من الآية ٩١ في سورة البقرة.
(٨) الآية المتقدمة قريبا.