وزيدا حين جاءك تضرب أو تضربه ، فإن لم تجر «إذا» و «حين» مجرى كلمات الشرط ، بل جعلتهما كيوم الجمعة في قولك : زيدا يوم الجمعة تضرب ، أو تضربه ، فنصب «زيدا» أولى ، إذا لم يشتغل الفعل بالضمير ، لقبح : زيد ضربت على تأويل ضربته (١) ؛
فإن قيل : أليس يكفي الضمير في : إذا جاءك ، وحين جاءك؟
قلت : لو لم يكن الفعل واقعا على زيد ، نحو : زيد حين جاءك تضرب عمرا ، لكفى ، لكن لمّا كان واقعا عليه معنى ، وهو الخبر في الحقيقة ، كان إظهار الضمير فيه أولى ، وأمّا إذا اشتغل الفعل بالضمير فرفع زيد ، أولى لما تبيّن في المنصوب على شريطة التفسير :
أن «زيد زرته» ، بالرفع ، أولى من النصب (٢) ؛
وان أجريت (٣) «إذا» و «حين» مجرى كلمات الشرط وجب رفع «زيد» عند البصريين ، كما ذكرنا في «إن» ، وشغل «تضرب ، إذن ، بالضمير ، أولى ، إن كان واقعا على «زيد» ، لأن جواب الشرط هو الخبر في الحقيقة ، والشرط قيد فيه ، فلا يعتبر الضمير الذي فيه ، فقولك : زيد إن جاءك فأكرمه ، أولى من : فأكرم ؛ وإن كان واقعا على غير المبتدأ من حيث المعنى ، نحو : زيد إن جاءك فأكرمني ، كفى الضمير في الشرط ؛
وأمّا الكوفيون ، فجوّزوا تقديم معمول الجزاء المجزوم على أداة الشرط ، قالوا : لأن حقّ الجواب التقديم ، فنحو ، ان تضرب أضرب ، كان عندهم في الأصل : أضرب ان تضرب ، فلما تأخر الجواب انجزم على الجوار ، قالوا والدليل على أن مرتبته التقديم قوله :
يا أقرع بن حابس يا أقرع |
|
إنك إن يصرع أخوك تصرع (٤) ـ ٥٦٦ |
برفع الجواب ، مراعاة لأصله من التقديم ؛
__________________
(١) لأن الخبر الفعلي يقبح حذف العائد منه ؛
(٢) لعدم احتياجه إلى التقدير.
(٣) مقابل قوله : فإن لم تجر إذا ، وحين مجرى كلمات الشرط ؛
(٤) تقدم ذكره في الجزء الثالث من هذا الشرح ؛