ويقال للرَّجل نفسه : رَابّ.
قلت : وهذا هو الصَّحيح ؛ ولا أَعلم الذي قاله اللَّيث صَحِيحاً.
وقد قال أحمد بن يحيى للقوم الذين اسْتُرضع فيهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أرِبّاء النّبيّ.
كأنه جمع رَبيب فعيل ، بمعنى فاعل.
وقال أبو عمرو : الرُّبَّى : الحاجة ، يقال : لي عِنْد فلانٍ رُبّى.
قال : الرُّبّى : الرَّابّة. والرُّبّى : العُقْدة المُحْكَمة. وفي مَثَل : إن كُنْتَ بي تَشُدّ ظَهْرك فأَرْخِ من رُبّى أَزْرَك. يقول : إن عَوَّلْت عليّ فَدَعْني أَتْعَب واسْتَرِخ أنت واسْتَرِحْ.
والرُّبَّى : النِّعمة والإحْسان.
وقال النَّحويون : رُبّ : من حُروف المَعاني ، والفَرق بينها وبين «كم» أن «رب» للتَّقْلِيل و «كم» وُضعت للتَّكْثير إذَا لم يُرَد بها الاستفهام. وكلاهما يَقع على النّكرات فَيخْفِضها.
وقال الزّجاج : مَن قال إن «ربّ» يُعنى بها التكثير فهو ضدّ ما تَعرفه العرب.
قال : فإن قال قائل : فلم جازت «رب» في قول الله عزوجل : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] هاهنا ، وهي للتقليل؟
فالجواب فيه : أن العرب خوطبت بما تعلمه من التهديد ، والرَّجل يَتَهَدَّد الرجل فيقول له : لعلّك سَتندم على فعلك ، وهو لا يشك في أنه يَنْدم.
ويقول له : ربّما يندم الإنسان من مثل ما صَنعت ، وهو يعلم أن الإنسان يَنْدم كثيراً.
ولكنّ مجازه أنّ هذا لو كان مما يُوَدّ في حالٍ واحدة من أحوال العذاب ، أو كان الإنسان يخاف أن يَندم على الشيء لوَجب عليه اجْتنابه.
والدَّليل على أنه على معنى التّهدد قوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا) [الحجر : ٣].
والفرق بين «ربما» و «رب» أن «رب» لا يليه غير الاسم ، وأما «ربما» فإنما زيدت «ما» مع «رب» لِيَلِيها الفعل. تقول : رُبّ رجل جاءني ، أو ربما جاءني زيد.
وتقول : رب يوم بكرت فيه ، ورُبّ خمرة شَرِبْتها.
وتقول : رُبما جاءني زيد ، وربما حضرني زيد.
وأكثر ما يليه الماضي ، ولا يليه من الغابر إلا ما كان مُسْتَيْقناً ، كقوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢].
ووَعْد الله حقٌّ ، كأنه قد كان ، فهو في مَعنى ما مَضى ، وإن كان لفظه مُسْتَقبلاً.
وقد يلي «ربما» الأسماء ، وكذلك : «رُبتما» ؛ وأنشد ابن الأعرابي :