لكل أَمْر ويُطيعه ؛ أَنْشد (١) شَمِر : إذا طلَعت الشِّعرى سَفَراً فلا تُرسل فيها إمَّرة ، ولا إمَّرَا.
قال : معناه : لا تُرسل في الإبل رجلاً لا عقل له يُدَبِّرها.
والإمّرُ : الأَحْمق.
وقول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) [القصص : ٢٠].
قال أبو عُبيدة : أي يتشاورون فيك لَيقْتلوك ، واحتج بقول النَّمر بن تَولب :
أحارُ بن عمرو كأنِّي خَمِرْ |
ويَعْدُو على المَرء ما يَأْتَمِرْ |
قال القُتيبي : هذا غَلط ، كيف يعدو على المرء ما شاور فيه ، والمُشاورة بركة.
وإنما أراد يعدو على المرء ما يَهُم به من الشَّر.
قال : وقوله : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) أي يَهمّون بك ؛ وأَنْشد :
اعْلمن أن كُلّ مُؤْتَمِر |
مُخْطىء في الرّأي أَحْيَانَا |
قال : يقول : مَن ركب أمراً بغير مَشُورة أخطأ أحْياناً.
قال : وقوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق : ٦] به أي هُمّوا واعْتَزموا عليه ، ولو كان كما قال أبو عُبيدة لقال : يتأمَّرون بك.
وقال الزّجّاج : معنى قوله جلّ وعزّ : (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) [القصص : ٢٠] أي يأمرُ بعضُهم بعضاً بقَتلك.
قلت : يُقال : ائتمر القومُ ، وتآمروا ، إذا أمر بعضُهم بعضاً.
كما يقال : اقتتل القوم وتقاتلوا ، واختصموا وتخاصموا.
ومعنى (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) أي يؤامر بعضهم بعضاً ، كما يقال : اقتتل القوم وتقاتلوا ، واختصموا وتخاصموا.
ومعنى (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) ، أي يُؤامر بعضهم بعضاً فيك ، أي في قتلك.
وهذا أحسن من قول القُتيبي إنه بمعنى يهمّون بك.
وأما قوله تعالى : (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) [الطلاق : ٦] فمعناه والله أعلم : لِيَأْمر بعضُكم بعضاً بمَعروف ؛ وقوله :
* اعْلمن أن كُل مُؤْتمر*
معناه : إن من ائتمر رأيه في كل ما يَنْويه يخطىء أحياناً.
قال شمر : معناه : ارتأى وشاور نفسه قبل أن يُواقع ما يُريد.
قال : وقوله :
* اعلمن أن كُل مؤتمر*
__________________
(١) المنشَد سجع لا شعر ، (إبياري).