وإنّي حُبِسْت اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه |
ببابك حتّى كادت الشمسُ تَغْرُبُ |
فأدخل الألف واللام على «أمس» ثم تركه مخفوضاً على جهة «الأُلاء» ، ومثله قوله :
* وجُنَّ الخازِ بازِ به جُنُونا*
فمثل «الآن» بأنها كانت منصوبةً قبل أن تدخل عليها الألف واللام ، ثم أدخلتهما فلم يُغيِّراها.
قال : وأصل «الآن» إنما كان «أوان» فحذف منه الألف ، وغيّرت واوها إلى الألف ، كما قالوا في «الراح» : الرِّياح ؛ وأَنْشد أبو القَمقام :
كأن مَكَاكِيّ الجِواء غُدَيَّة |
نَشَاوى تساقَوْا بالرِّياح المُفَلْفَل |
فجعل «الرِّياح» و «الأوان» مرةً على جهة «فَعَل» ، ومرة على جهة «فعَال» كما قالوا : زَمَن ، وزَمَان.
قالوا : وإن شئت جعلت «الآن» أصلها من قولك : آن لك أن تفعل ، أدخلت عليها الألف واللام ، ثم تركتها على مذهب «فَعَل» فأتاها النصب من نَصْب «فَعل» ، وهو وجه جَيد.
كما قالوا : نَهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قِيل وقال ، فكانت كالاسمين ، وهما مَنْصوبتان.
ولو خَفَضْتهما ، على أنهما أُخرجتا من نِيّة الفِعل إلى نيّة الأسماء ، كان صواباً.
وسمعت العرب يقولون : من شُبَّ إلى دُبَّ ، وبعضٌ : مِن شُبٍّ إلى دُبٍّ.
ومعناه : فَعل مذ كان صغيراً إلى أن دَبّ كبيراً.
وقال الخليل : الآن ، مبنيّ على الفتح ، تقول : نحن من الآنَ نَصيرُ إليك.
فنفتح «الآن» لأن الألف واللام إنما يَدْخُلان لعْهدٍ ، و «الآن» لم تَعْهده قبل هذا الوقت ، فدخلت الألف واللام للإشارة إلى الوقت ، والمعنى : نحن من هذا الوقت نفعل. فلما تضمّنت معنى هذا وَجَب أن تكون مَوقوفة ، ففُتحت لالتقاء الساكنين ، وهما الألف والنون.
قلت : وأنكر الزّجاج ما قال الفَراء أن «الآن» إنما كان في الأصل «آن» ، وأن الألف واللام دخلت على جهة الحكاية.
وقال : ما كان على جهة الحكاية ، نحو قولك «قام» إذا سمّيت به شيئاً ، فجعلته مبنيًّا على الفتح ، لم تدخله الألف واللام.
ثم ذكر قول الخليل «الآن» مبنيّ على الفتح ، وذَهب إليه ، وهو قولُ سِيبويه.
وقال الزّجاج في قوله عزوجل : (الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) [البقرة : ٧١] فيه ثلاث لغات : قالوا : الآن ، بالهمزة واللام ساكنة.
وقالوا : أَلان ، متحركة اللام بغير همز ، وتُفْصل ، قالوا : مِن لآن.