وسئل ثَعلب : إذا قال الرّجل لامرأته : إن دخلت الدار ، إن كلمت أخاك ، فأنت طالق ، متى تَطْلُق؟ فقال : إذا فعلتهما جميعاً. قيل له : لِم؟ قال : لأنه قد جاء بشَرطين. قيل له : فإن قال لها : أنت طالق إن احمرّ البُسْر. فقال : هذه مسألةُ محال ، لأنّ البُسر لا بُدّ من أن يَحمرّ.
قيل له : فإن قال : أنت طالق إذا احْمَرّ البُسر. قال : هذا شرط صحيح ، تطلُق إذا احمرّ البُسر.
وقال الشافعي : فيما أثْبت لنا عنه : إنْ قال الرَّجُل لامرأته : أنتِ طالق إن لم أُطلِّقك ، لم يَحْنث حتى يُعلم أنّه لا يُطلِّقها بموته أو بموتها.
وهو قول الكوفيّين.
ولو قال : إذا لم أطلّقك ، ومتى ما لم أُطلّقك ، فأنت طالق ، فسكت مُدّة يمكنه فيها الطلاق ، طُلّقت.
أنا : للعرب في «أنا» لُغات ، وأجودها : أنّك إذا وَقَفْت عليها قُلت : أنَا ، بوزن «عَنَا».
وإذا مَضَيت عليها قلت : أَنَ فَعَلْت ذاك ، بوزن : عَنَ فَعَلْت ذاك.
تُحرِّك النون في الوَصل وهي ساكنة من مثله في الأسماء غير المتمكِّنة ، مثل : «من» و «كم» إذا تَحرّك ما قبلها.
ومن العرب من يقول : أنا فعلت ذاك ، فيثبت الألف في الوصل ولا يُنوّن.
ومنهم من يسكّن النون ، وهي قليلة ، فيقول : أنْ قُلت ذاك.
وقُضاعة تَمُدّ الألف الأُولى : آنَ قُلته ؛ قال عَدِيّ :
يا لَيت شعري آنَ ذُو عَجّةٍ |
مَتَى أرى شَرْباً حوالَي أَصِيصْ |
وقال العُدَيل فيمن يُثبت الألف :
أنا عَدْل الطِّعان لمن بَغَانِي |
أنا العَدْل المُبيِّن فاعْرفونِي |
و «أنا» لا تَثْنية له من لفظه إلا ب «نحن» ، ويَصلح «نحن» في التّثنية والجمع.
فإن قيل : لمَ ثَنَّوا «أنت» فقالوا : أنتما ، ولم يثنوا «أنا».
قيل : لمَا لم تجز : أنا وأنا ، لرجُل آخر ، لم يُثنّوا.
وأما «أنت» فثنّوه «بأنتما» لأنك تُجيز أن تقولَ لرجلٍ : أنت وأنت ، لآخر معه ، فلذلك ثُنِّي.
وأما «إنّي» فتثنية «إنا» ، وكان في الأصل : إنّنا ، فكثرت النونات ، فحذفت إحداها ، وقيل : إنّا.
وقوله عزوجل : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ) [سبأ : ٢٤]. المعنى : إنّنا وإنكم ، فعطف «إِيَّاكُمْ» على الاسم في قوله «إِنَّا» على النون والألف ، كما تقول : إني وإيّاك.
معناه : إنّي وإنّك ، فافهمه ؛ وقال :