فأَيِّي ما وأَيّك كان شَرّاً |
فسِيقَ إلى المَقامة لا يَراها |
فقال : هذا بمنزلة قول الرّجُل : الكاذبُ منِّي ومنك فَعل الله به.
وقال غيره : إنما يُريد أنك شرّ ، ولكنه دَعا عليه بلَفظ هو أحسن من التَّصريح ، كما قال الله تعالَى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٢٤].
وأنشد المفضّل :
لقد علم الأَقوامُ أيّي وأَيّكم |
بَني عامِرٍ أَوْفَى وفاءً وأَظْلَمُ |
معناه : علموا أني أوفى وفاءً وأنتم أظلم.
قال : وقوله : فأيّي ما وأيك ، «أي» موضع رفع ، لأنه اسم «كان» ، وأيّك ، نَسق عليه ، و «شر» ، خبرها.
قال : وقوله :
* فسِيق إلى المقامة لا يراها*
أي : عَمي ، دعاءٌ عليه.
أبو زيد : صَحِبه الله أيّاً ما تَوَجَّه.
يريد : أينما توجَّه.
وقال اللَّيث : أيّان ، هي بمنزلة : مَتَى.
قال : ويختلف في نونها ، فيقال : أصليّة ، ويقال : زائدة.
وقال الفَرّاء : أصل «أيان» : أي أوَان ، فخفّفوا «الياء» من «أيّ» ، وتركوا همزة «أوان» فالتَقَتْ ياءٌ ساكنة بعدها واو ، فأُدغمت «الواو» في «الياء».
حكاه عن الكسائي.
وأما قولهم في النّداء : أيّها الرجل ، وأيتها المرأة ، وأيّها الناس.
فإنّ الزجاج قال : أي : اسم مُبْهم مبني على الضم ، من : أيّها الرجل ، لأنه منادَى مُفرد ، و «الرجل» صفة ل «أي» لازمة ، تقول : يأيها الرجل أَقْبل ، ولا يجوز : يا الرجل ، لأن «يا» تنبيه بمنزلة التَّعريف في «الرجل» ، فلا يجمع بين «يا» وبين «الألف واللام» فتصل إلى «الألف واللام» ب «أي» ، و «ها» لازمة ل «أي» للتَّنْبيه ، وهي عوض من الإضافة في «أي» ، لأن أصل «أي» أن تكون مضافة إلى الاستفهام والخبر ، والمُنادى في الحقيقة «الرجل» ، و «أي» وُصلت إليه.
وقال الكوفيون : إذا قلت : يأيها الرّجل ، ف «يا» نداء ، و «أي» اسم منادى ، و «ها» تنبيه ، و «الرجل» صفة ، ف «الواو» وَصلت «أي» بالتّنبيه ، فصار اسماً تامّاً ، لأن «أيا» و «ما» و «من» و «الذي» أسماء ناقصة لا تتم إلا بالصّلات.
ويقال : «الرّجل» تفسير لمن نودي.
أي ساكنة الياء
قال أبو عمرو : سألت المُبرّد عن «أي» مفتوحة ساكنة ما يكون بعدها؟
فقال : يكون الذي بعدها بدلاً ، ويكون