سليمان ، والثاني مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري وابن فورك ، والثالث مذهب أبي هاشم ، وأما الرابع فإما أن يكون الابتداء من الناس والتّتمّة من الله وهو مذهب قوم.
أو الابتداء من الله والتتمة من الناس وهو مذهب الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني.
والمحققون متوقفون في الكل إلّا في مذهب عباد.
ودليل فساده : أن اللفظ لو دلّ بالذات لفهم كلّ واحد منهم كلّ اللغات لعدم اختلاف الدلالات الذاتية واللازم باطل فالملزوم كذلك.
واحتجّ عبّاد بأنه لو لا الدّلالة الذاتيّة لكان وضع لفظ من بين الألفاظ بإزاء معنى من بين المعاني ترجيحا بلا مرجّح وهو محال.
وجوابه : أن الواضع إن كان هو الله فتخصيصه الألفاظ بالمعاني كتخصيص العالم بالإيجاد في وقت من بين سائر الأوقات ، وإن كان هو الناس فلعلّه لتعيّن الخطران بالبال ودليل إمكان التوقّف احتمال خلق الله تعالى الألفاظ ووضعها بإزاء المعاني ، وخلق علوم ضرورية في ناس بأن تلك الألفاظ موضوعة لتلك المعاني.
ودليل إمكان الاصطلاح إمكان أن يتولّى واحد أو جمع وضع الألفاظ لمعان ثم يفهموها لغيرهم بالإشارة كحال الوالدات مع أطفالهن.
وهذان الدليلان هما دليلا إمكان التوزيع.
واحتجّ القائلون بالتوقيف بوجوه :
أولها ـ قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) فالأسماء كلها معلّمة من عند الله بالنّص وكذا الأفعال والحروف لعدم القائل بالفصل ، ولأن الأفعال والحروف أيضا أسماء لأن الاسم ما كان علامة والتمييز من تصرّف النحاة لا من اللغة ولأنّ التكلم بالأسماء وحدها متعذّر.
وثانيها ـ أنه سبحانه وتعالى ذمّ قوما في إطلاقهم أسماء غير توقيفيّة في قوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها) [النجم : ٢٣] وذلك يقتضي كون البواقي توقيفية.