فالتقدير : أو أن يطعم لقوله : وما أدراك فعلى هذا يجري ما ذكرت لك ولو قلت : عمرا أعجبني أن ضرب خالدا كان خطأ ؛ لأن عمرا من الصلة.
ومن قال : هذا الضارب الرجل لم يقل : عجبت من الضرب الرجل ؛ لأن الضرب ليس بنعت والضارب نعت كالحسن وهو اسم الفاعل من (ضرب) كما أن حسنا اسم الفاعل من (حسن) ويحسن وهما نعتان مأخوذان من الفعل للفاعل وتقول : أعجبني اليوم ضرب زيد عمرا (إن جعلت اليوم) نصبا بأعجبني فهو جيد ، وإن نصبته بالضرب كان خطأ ، وذلك ؛ لأن الضرب في معنى (أن ضرب) وزيد وعمرو من صلته فإذا كان المصدر في معنى (إن فعل) أو (أن يفعل) فلا يجوز أن ينصب ما قبله ولا يعمل إلا فيما كان من تمامه فيؤخر بعض الاسم ولا يقدم بعض الاسم على أوله ، فإن لم يكن في معنى (إن فعل) وصلتها أعملته عمل الفعل إذا كان نكرة مثله فقدمت فيه وأخرت ، وذلك قولك ضربا زيدا ، وإن شئت : زيدا ضربا ؛ لأنه ليس فيه معنى (أن) إنما هو أمر وقولك ضربا زيدا ينتصب بالأمر كأنك قلت : اضرب زيدا إلا أنه صار بدلا من الفعل لما حذفته وحكى قوم أن العرب قد وضعت الأسماء في مواضع المصادر فقالوا : عجبت من طعامك طعاما يريدون : من إطعامك وعجبت من دهنك لحيتك يريدون : من دهنك قال الشاعر :
أظليم إنّ مصابكم رجلا |
|
أهدى السّلام تحية ظلم (١) |
أراد : إن إصابتكم.
ومنه قوله :
وبعد عطائك المئة الرّتاعا ... (٢)
__________________
(١) الهمزة للنداء وظلوم اسم امرأة منادى ومصابكم اسم ان وهو مصدر بمعنى اصابتكم ويسمى اسم مصدر مجازا ورجلا مفعول بالمصدر وأهدى السّلام جملة في موضع نصب على أنها صفة لرجلا وتحية مصدر لأهدى السّلام من باب قعدت جلوسا وظلم خير انّ ولهذا البيت حكاية شهيرة عند أهل الأدب. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٥٢٧.
(٢) من إعمال اسم المصدر قوله :