قال الشاعر :
أبا الأراجيز يا ابن اللّؤم توعدني |
|
وفي الأراجيز خلت اللوم والخور (١) |
فألغى : (خلت) ويلغي المصدر كما يلغي الفعل وتقول : عبد الله ظني قائم وفي ظني وفيما أظن وظنا مني فهذا يلغي وهو نصب تريد : أظن ظنا ، وإذا قلت : في ظني (ففي) من صلة كلامك جعلت ذلك فيما تظن.
وحكي عن بعضهم : أنه جعله من صلة خبر عبد الله ؛ لأن قيامه فيما يظن وتقول : ظننت زيدا طعامك آكلا وطعامك ظننت زيدا آكلا.
ولا يجوز : ظننت طعامك زيدا آكلا من حيث قبح : كانت زيدا الحمّى تاخذ وهذه المسألة توافق : كانت زيدا الحمى تأخذ من جهة وتخالفها من جهة أما الجهة التي تخالفها ، فإن (كانت) خالية من الفاعل وظننت معها الفاعل والفعل لا يخلو من الفاعل.
__________________
(١) يعتري هذه الأفعال التي تتعدّى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر أمران :
أوّلهما : الإلغاء ، والثاني : التّعليق.
فالإلغاء إبطال تعدّيهما إلى مفعولين لفظا ومحلّا ، إمّا بتدّم العامل ، أو بتوسّطه ، أو بتأخّره.
فالأوّل نحو : " ظننت زيدا قائما" ويمتنع الرفع عند البصريين ، ويقبح ، ويجب عندهم نصب الجزأين : " زيد وقائم وهو الصحيح ، ويجوز عند الكوفيين والأخفش ولكنّ الإعمال عندهم أحسن أمّا قول بعض بني فزارة :
كذاك أدّبت حتى صار من خلقي |
|
إني وجدت ملاك الشيمة الأدب |
فالرّواية الصّحيحة نصب ملاك والأدب كما في الحماسة.
والثاني : ويجوز بلا قبح ولا ضعف في توسّط العامل نحو" زيدا ظننت قائما" والإعمال أقوى ، ومن توسّط العامل قول اللّعين المنقري أبو الأكيدر يهجو العجّاج :
أبا الأراجيز يابن اللّؤم توعدني |
|
وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور |
والاصل : اللؤم الخورا ، والمفعول الثاني متعلّق وفي الأراجيز ومثله في تأخير العامل تقول : " عمرو آت ظننت" يجوز الإلغاء ، والإعمال ، ولكنّ الإلغاء هنا أقوى من إعماله ؛ لأنه كما يقول سيبويه إنما يجيئ بالشّك ، بعد ما يمضي كلامه على اليقين ومن التأخير قول أبي أسيدة الدّبيري :
هما سيّدانا يزعمان وإنّما |
|
يسوداننا إن أيسرت غنماهما |
انظر معجم القواعد العربية ٢٥ / ٢٣.