جاء عبد الله فيكون الجواب : راكبا وإنما سميت الحال ؛ لأنه لا يجوز أن يكون اسم الفاعل فيها إلا لما أنت فيه تطاول الوقت أو قصر.
ولا يجوز أن يكون لما مضى وانقطع ولا لما لم يأت من الأفعال ويبتدأ بها.
والحال إنما هي هيئة الفاعل أو المفعول أو صفته في وقت ذلك الفعل المخبر به عنه ولا يجوز أن تكون تلك الصفة إلا صفة متصفة غير ملازمة.
ولا يجوز أن تكون خلقة لا يجوز أن تقول : جاءني زيد أحمر ولا أخوك ولا جاءني عمرو طويلا ، فإن قلت : متطاولا أو متحاولا جاز ؛ لأن ذلك شيء يفعله وليس بخلقة.
ولا تكون الحال إلا نكرة لأنها زيادة في الخبر والفائدة وإنما تفيد السائل والمحدث غير ما يعرف ، فإن أدخلت الألف واللام صارت صفة للإسم المعرفة وفرقا بينه وبين غيره والفرق بين الحال وبين الصفة تفرق بين اسمين مشتركين في اللفظ والحال زيادة في الفائدة والخبر ، وإن لم يكن للإسم مشارك في لفظه.
ألا ترى أنك إذا قلت : مررت بزيد القائم فأنت لا تقول ذلك إلا وفي الناس رجل آخر اسمه زيد وهو غير قائم ففصلت بالقائم بينه وبين من له هذا الاسم وليس بقائم.
وتقول : مررت بالفرزدق قائما ، وإن لم يكن أحد اسمه الفرزدق غيره فقولك : قائما إنما ضممت به إلى الأخبار بالمرور خبرا آخر متصلا به مفيدا.
فهذا فرق ما بين الصفة والحال وهو أن الصفة لا تكون إلا لاسم مشترك فيه لمعنيين أو لمعان والحال قد تكون للاسم المشترك والاسم المفرد وكذلك الأمر في النكرة إذا قلت : جاءني رجل من أصحابك راكبا إذا أردت الزيادة في الفائدة والخبر ، وإن أردت الصفة خفضت فقلت : مررت برجل من أصحابك راكب وقبيح أن تكون الحال من نكرة ؛ لأنه كالخبر عن النكرة والإخبار عن النكرات لا فائدة فيها إلا بما قدمنا ذكره في هذا الكتاب فمتى كان في الكلام فائدة فهو جائز في الحال كما جاز في الخبر ، وإذا وصفت النكرة بشيء قربتها من المعرفة وحسن الكلام.
تقول : جاءني رجل من بني تميم راكبا. وما أشبه ذلك.