واعلم أن الحال يجوز أن تكون من المفعول كما تكون من الفاعل تقول : ضربت زيدا قائما فتجعل قائما لزيد.
ويجوز أن تكون الحال من التاء في (ضربت) إلا أنك إذا أزلت الحال عن صاحبها فلم تلاصقه لم يجز ذلك إلا أن يكون السامع يعلمه كما تعلمه أنت ، فإن كان غير معلوم لم يجز وتكون الحال من المجرور كما تكون من المنصوب إن كان العامل في الموضع فعلا فتقول : مررت بزيد راكبا ، فإن كان الفعل لا يصل إلا بحرف جر لم يجز أن تقدم الحال على المجرور إذا كانت له فتقول : مررت راكبا بزيد إذا كان (راكبا) حالا لك ، وإن كان لزيد لم يجز ؛ لأن العامل في (زيد) الباء فلمّا كان الفعل لا يصل إلى زيد إلا بحرف جر لم يجز أن يعمل في حاله قبل ذكر الحرف.
والبصريون يجيزون تقديم الحال (١) على الفاعل والمفعول والمكنى والظاهر إذا كان العامل فعلا يقولون : جاءني راكبا أخوك وراكبا جاءني أخوك وضربت زيدا راكبا وراكبا ضربت زيدا ، فإن كان العامل معنى لم يجز تقديم الحال تقول : زيد فيها قائما فالعالم في (قائم) معنى الفعل ؛ لأن الفعل غير موجود.
__________________
(١) الحال مع صاحبها ـ في التّقدّم والتأخر لها ثلاث أحوال :
(أ) جواز التأخّر عنه والتّقدّم عليه نحو" لا تأكل الطّعام حارّا" ويجوز" لا تأكل حارا الطّعام".
(ب) أن تتأخّر عنه وجوبا وذلك في موضعين :
(١) أن تكون محصورة ، نحو : (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) (الآية : ٤٨ سورة الأنعام).
(٢) أن يكون صاحبها مجرورا إمّا بحرف جرّ غير زائد نحو" نظرت إلى السّماء لامعة نجومها" ، وأما قول الشّاعر :
تسلّيت طرّا عنكم بعد بينكم |
|
بذكراكم حتى كأنّكم عندي |
بتقديم" طرّا" وهي حال على صاحبها المجرور بعن ، فضرورة.
وإمّا بإضافة ، نحو" سرّني عملك مخلصا". حال من الكاف في عملك وهي مضاف إليه.
(ج) أن تتقدّم عليه وجوبا كما إذا كان صاحبها محصورا فيه نحو" ما حضر مسرعا إلّا أخوك". انظر شرح ابن عقيل ٢ / ٢٤٢.