أضمروا الخبر لم ينسقوا عليها بالمعرفة فلا يقولون : إن رجلا وزيدا ؛ لأن خبر المعرفة لا يضمر عندهم ويقولون : كل أداة ناصبة أو جازمة لا تدخل عليها اللام مع (إن) ، فإن كانت الأداة لا تعمل شيئا دخلت اللام عليها.
وقد أجاز الفراء حذف الخبر في : (إن الرجل) ، وإن المرأة ، وإن الفأرة ، وإن الذبابة ولا يجيزه إلا بتكرير (إن).
ويقولون : (ليت) تنصب الأسماء والأفعال أي : الأخبار نحو : ليت زيدا قائما وقال الكسائي : أضمرت : (كان).
وقالوا : (لعل) تكون بمعنى : (كي) وبمعنى : خليق وبمعنى : ظننت وقالوا : والدليل على ظننت أن تجيء بالشيئين والدليل على (عسى) أن تجيء بأن وقالوا : (ليت) قد ذهب بها إلى (لو) وأولوها الفعل الماضي وليتني أكثر من ليتي ولعلي أكثر من لعلني وإنني وإني سواء.
وذكر سيبويه : لهنك لرجل صدق قال : وهذه كلمة تتكلم بها العرب في حال اليمين وليس كل العرب تتكلم بها في (إن) ولكنهم أبدلوا الهاء مكان الألف كقولك : هرقت.
ولحقت هذه اللام (إن) كما لحقت (ما) حين قلت : (إن زيدا لما لينطلقن فلحقت) اللام في اليمين والثانية لام (إن) وفي : لما لينطلقن اللام الأولى : لام (لئن) والثانية : لام اليمين.
والدليل على ذلك النون التي معها.
وقال : قول العرب في الجواب إنه فهو بمنزلة أجل ، وإذا وصلت قلت : إنّ يا فتى.
واعلم أن (إنّ واخواتها) قد يجوز أن تفصل بينها وبين أخبارها بما يدخل لتوكيد الشيء أو لرفعه ؛ لأنه بمنزلة الصفة في الفائدة يوضح عن الشيء ويؤكده ، وذلك قولك : إن زيدا فافهم ما أقول رجل صالح ، وإن عمرا والله ظالم ، وإن زيدا هو المسكين مرجوم ؛ لأن هذا في الرفع يجري مجرى المدح والذم في النصب وعلى ذلك يتأول قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ) [الكهف : ٣١] فأولئك هو الخبر.