قال أبو العباس رحمه الله : إن (لو) إنما تجيء على هيئة الجزاء فإذا قلت : لو أكرمتني لزرتك فلا بد من الجواب ؛ لأن معناها : إن الزيارة امتنعت لإمتناع الكرامة فلا بد من الجواب ؛ لأنه علة الإمتناع و (إن) المكسورة لا يجوز أن تقع هنا كما لا يجوز أن تقع بعد حروف الجزاء لأنها إنما أشبهت الفعل في اللفظ والعمل لا في المعنى و (أن) المفتوحة مع صلتها مصدر في الحقيقة فوقوعها على ضربين :
أحدهما : أن المصدر يدل على فعله فيجري منه ويعمل عمله فقد صح معناها في هذا الوجه.
فإن قال قائل إذا قلت : لو أنك جئتني لأكرمتك فلم لا تقول : لو مجيئك لأكرمتك قيل له : لأن الفعل الذي قد لفظت به من صلة (أن) والمصدر ليس كذلك ألا ترى أنك تقول :
ظننت أنك منطلق فتعديه إلى (أن) وهي وصلتها اسم واحد ؛ لأنه قد صار لها اسم وخبر فدلت بهما على المفعولين وغيرهما من الأسماء لا بد معه من مفعول ثان.
والوجه الآخر : أن الأسماء تقع بعد (لو) على تقديم الفعل الذي بعدها فقد وليتها على حال ، وإن كان ذلك من أجل ما بعدها فلذلك وليتها (أن) لأنها اسم وامتنعت المكسورة لأنها حرف جاء لمعنى التوكيد والحروف لا تلي (لو) فمما وليها من الأسماء قوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ) [الإسراء : ١٠٠].
وقال جرير :
لو غيركم علق الزّبير بحبله |
|
أدى الجوار إلى بني العوّام |
وفي المثل : لو ذات سوار لطمتني (١).
__________________
(١) تختصّ" لو" مطلقا بالفعل ، ويجوز أن يليها قليلا : اسم معمول لفعل محذوف وجوبا يفسّره ما بعده ، إمّا مرفوع كقول الغطمّش الضّبيّ :
أخلّاي لو غير الحمام أصابكم |
|
عتبت ولكن ما على الدّهر معتب |
وقولهم في المثل : " لو غير ذات سوار لطمتني" (قاله حاتم الطائي ، وكان قد أسر فلطمته جارية من جواري الحي الذي أسر فيه ، ويضرب للوضيع يهين الشريف).