واعلم أن إلا لا يجوز أن تكون صفة إلا في الموضع الذي يجوز أن تكون في استثناء ، وذلك أن تكون بعد جماعة أو واحد في معنى الجماعة إما نكرة وإما ما فيه الألف واللام على غير معهود ؛ لأن هذا هو الموضع الذي تجتمع فيه هي وغير فضارعتها لذلك ولم تكن بمنزلتها في غير هذا الموضع لأنهما لا يجتمعان فيه كما أن غير لا تدخل في الاستثناء إلا في الموضع الذي ضارعت فيه إلا ألا ترى أنك تقول : مررت برجل غيرك ولا تقع إلا في مكانها لا يجوز أن تقول : جاءني رجل إلا زيد تريد غير زيد على الوصف والاستثناء هاهنا محال ولكن تقول : ما يحسن بالرجل إلا زيد أن يفعل كذا ؛ لأن الرجل : جنس ومعناها بالرجل الذي هو غير زيد كما قال لبيد :
إنما يجزى الفتى غير الجمل
وكذلك : مررت بالقوم إلا زيد كما قال :
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة |
|
قليل بها الأصوات إلا بغامها (١) |
وذكر سيبويه قولهم : أتاني القوم سواك وحكى عن الخليل أن هذا كقولك : أتاني القوم مكانك إلا أن في سواك معنى الاستثناء وسواء تنصب في هذا كله لأنها تجري مجرى الظروف وتخفض ما بعدها.
وأما الثاني : فما جاء في الأفعال في موضع الاستثناء وهي : لا يكون وليس وعدا وخلا فإذا جاءت وفيها معنى الاستثناء ففيها إضمار ، وذلك قولك : أتاني القوم لس زيدا وأتوني لا يكون عمرا وما أتاني أحد لا يكون زيدا كأنه قال : ليس بعضهم زيدا.
وترك (بعضا) استغناء بعلم المخاطب والخليل يجيز في ليس ولا يكون أن تجعلهما صفتني ، وذلك قولك : ما أتاني أحد ليس زيدا وما أتاني رجل لا يكون عمرا فيدلك على أنه صفة أن بعضهم يقول : ما أتاني امرأة لا تكون فلانة وما أتتني امرأة ليست فلانة.
وأما (عدا) و (خلا) فلا يكونان صفة ولكن فيهما إضمار كما كان في (ليس).
__________________
(١) هذا مثال المعرّف الشّبيه بالمنكّر.