ولا (يكون) ، وذلك قولك : ما أتاني أحد خلا زيدا وأتاني القوم عدا عمرا ، فإن أدخلت (ما) على عدا وخلا وقلت : أتاني القوم ما عدا زيدا وأني ما خلا زيدا (فما) هنا اسم وخلا وعدا صلة له قال ولا توصل إلا بفعل.
قال سيبويه : وإذا قلت : [أتوني](١) إلا أن يكون زيد فالرفع جيد بالغ وهو كثير في كلامهم و (أن يكون) في موضع اسم مستثنى والدليل على أن (أن يكون) هنا ليس فيها معنى الاستثناء أن ليس وخلا وعدا لا يقعن هنا.
ومثل الرفع قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) [النساء : ٢٩] وبعضهم ينصب على وجه النصب في لا يكون.
وأما الثالث : فما جاء من الحروف في معنى (إلا) قال سيبويه : من ذلك (حاشا) وذكر أنه حرف يجر ما بعده كما تجرّ (حتى) ما بعدها وفيه معنى الاستثناء قال : وبعض العرب يقول : ما أتاني القوم خلا عبد الله فيجعل خلا بمنزلة حاشا فإذا قلت : ما خلا فليس فيه إلا النصب ؛ لأن (ما) اسم ولا يكون صلتها إلا الفعل وهي (ما) التي في قولك : أفعل ما فعلت.
وحكى أبو عثمان المازني عن أبي زيد : قال : سمعت أعرابيا يقول : اللهم أغفر لي ولمن سمع حاشا الشيطان وأبا الأصبع نصب ب (حاشا).
قال أبو العباس : إنما حاشا بمنزلة خلا ولأن خلا إذا أردت به الفعل إنما معناه جاوزه من قولك : خلا يخلو وكذلك حاشا يحاشي وكذلك قولك : أنت أحب الناس إليّ ولا أحاشي أحدا أي : ولا أستثني أحدا وتصييرها فعلا بمنزلة خلا في الاستثناء قول أبي عمر الجرمي وأنشد قول النابغة :
ولا أرى فاعلا في النّاس يشبهه |
|
ولا أحاشي من الأقوام من أحد |
والبغداديون أيضا يجيزون النصب والجر ب (حاشا).
واعلم أن من الاستثناء ما يكون منقطعا من الأول وليس ببعض له وهذا الذي يكون (إلا) فيه بمعنى لكن.
ونحن نفرد له بابا يلي هذا الباب إن شاء الله.
__________________
(١) في (ط) : أتوين ، والصواب من الأصل.