واعلم أن (كم) لا تكون إلا مبتدأة في الاستفهام والخبر ولا يجوز أن تبنيها على فعل وأنها تكون فاعلة في المعنى ومفعولة ومبتدأة وظرفا كما يكون سائر الأعداد في التقدير لا يجوز أن تقول : رأيت كم رجلا فتقدم عليها ما يعمل فيها.
فأما كونها فاعلة فقولك : كم رجلا أتاني ، وأما كونها مفعولة فقولك : كم رجلا ضربت ، وأما كونها مبتدأة فقولك : كم دانقا دراهمك.
واعلم أنه لك ألا تذكر ما تفسر به (كم) كما جاز لك ذلك في العدد تقول : كم درهم لك فالتقدير : كم قيراطا درهم لك ولا تذكر القيراط.
وتقول : كم غلمانك والمعنى كم غلاما غلمانك ولا يجوز إلا الرفع في غلمانك ؛ لأنه معرفة.
ولا يكون التمييز بالمعرفة فكأنك قلت : أعشرون غلمانك ، وأما كونها ظرفا فقولك : كم ليلة سرت كأنك قلت : أعشرين ليلة سرت وكم يوما أقمت كأنك قلت : أثلاثين يوما أقمت فكم عدد.
والعدد : حكمه حكم المعدود الذي عددته به.
فإن كان المعدود زمانا فهو زمان ، وإن كان حيوانا فهو حيوان. وإن كان غير ذلك فحكمه حكمه.
ولا يجوز : كم غلمانا لك كما لا يجوز : أعشرون غلمانا لك.
قال : وحكى الأخفش : أن الكوفيين يجيزونه ، وإذا قلت : كم عبد الله ماكث (فكم) ظرف فكأنك قلت : كم يوما عبد الله ماكث فكم أيام وعبد الله يرتفع بالابتداء كما ارتفع بالفعل حين قلت : كم رجلا ضرب عبد الله وتقول : كم غلمان لك فتجعل (لك) صفة لهم والمعنى : كم غلاما غلمان لك.
قال سيبويه : وسألته يعني الخليل عن قولهم : على كم جذع بيتك مبني فقال : القياس والنصب وهو قول عامة الناس يعني نصب جذع.