العلاء وأصحابه يلزمون النصب ويقولون هو بمنزلة قولك : مررت بعثمان يا فتى فإذا لحقه التنوين رجع إلى الخفض.
فإن كان المنادى مبهما فحكمه حكم غيره إلا أنه يوصف بالرجل وما أشبهه من الأجناس وتقول : يا أيها الرجل أقبل فيكون (أي) ورجل كاسم واحد (فأي) مدعو والرجل نعت له ولا يجوز أن يفارقه نعته ؛ لأن (أيا) اسم مبهم ولا يستعمل إلا بصلة إلا في الجزاء والاستفهام فلما لم يوصل ألزم الصفة لتبينه كما كانت تبينه الصلة.
و (ها) تبينه وكذلك إذا قلت : يا هذا الرجل فإذا قلت : يا أيها الرجل لم يصلح في (الرجل) إلا الرفع ؛ لأنه المنادى في الحقيقة و (أي) مبهم متوصل إليه به.
وكذلك : يا هذا الرجل إذا جعلت هذا سببا إلى نداء الرجل ولك أن تقيم الصفة مقام الموصوف فتقول : يا أيها الطويل ويا هذا القصير كقوله تعالى : (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) [يوسف : ٨٨] ، فإن قدرت الوقف على هذا ولم تجعله وصلة إلى الصفة وكان مستغنيا بإفراده كنت في صفته بالخيار : إن شئت رفعت ، وإن شئت نصبت كما كان ذلك في نعت زيد فقلت : يا هذا الطويل والطويل.
وأما (أي) فلا يجوز في وصفها النصب لأنها لا تستعمل مفردة ، فإن وصفت الصفة بمضاف فهو مرفوع لأنك إنما تنصب صفة المنادى فقط.
قال الشاعر :
يا أيّها الجاهل ذو التّنزّي ... (١)
__________________
(١) ذهب الأخفش في أحد قوليه إلى أن المرفوع بعد أي خبر لمبتدأ محذوف وأي موصولة بالجملة ، ورد بأنه لو كان كذلك لجاز ظهور المبتدأ بل كان أولى ولجاز وصلها بالفعلية والظرف. الثالث : ذهب الكوفيون وابن كيسان إلى أن ها دخلت للتنبيه مع اسم الإشارة فإذا قلت يأيها الرجل تريد يأيها ذا الرجل ثم حذف ذا اكتفاء بها. الرابع : يجوز أن توصف صفة أي ولا تكون إلا مرفوعة مفردة كانت أو مضافة كقوله :
يأيّها الجاهل ذو التّنزّي |
|
لا توعدنّي حيّة بالنّكز |
انظر شرح الأشموني ١ / ٢٤٣.