وأما العطف فقولك : يا زيد وعمرو أقبلا ويا هند وزيد أقبلا ولا يجوز عطف الثاني على الموضع لما ذكرناه في باب العطف وهو أن حكم الثاني حكم الأول ؛ لأنه منادى مثله وكل مفرد منادى فهو مضموم.
وقد قالوا على ذلك : يا زيد والحرث لما دخلت الألف واللام (ويا) لا تدخل عليهما فاعلم وإنما يبني الأول ؛ لأنه منادى مخاطب باسمه وعلة الثاني وما بعده كعلة الأول لا فرق بينهما في ذلك ألا ترى أنهم : يقولون : يا عبد الله وزيد فيضمون الثاني والأول منصوب لهذه العلة ولو لا ذلك لم يجز قال جميع ذلك ابن السراج أيضا ، فإن عطفت اسما فيه ألف ولام على مفرد ، فإن فيه إختلافا.
أما الخليل وسيبويه والمازني : فيختارون الرفع يقولون : يا زيد والحارث أقبلا وقرأ الأعرج وهو عبد الرحمن بن هرمز : (يا جبال اوبي معه والطّير) (١) [سبأ : ١٠].
وأما أبو عمرو وعيسى ويونس وأبو عمر الجرمي فيختارون النصب وهي قراءة العامة.
وكان أبو العباس يختار النصب في قولك : يا زيد والرجل ويختار الرفع في الحارث إذا قلت : يا زيد والحراث ؛ لأن الألف واللام في (الحارث) دخلت عنده للتفخيم والألف واللام في الرجل دخلتا بدلا من (يا) ؛ لأن قولك : النضر والحارث ونصر وحارث بمنزلة ومثل ذلك اختلافهم في الاسم المنادى إذا لحقه التنوين اضطرارا في الشعر ، فإن الأولين يؤثرون رفعه أيضا ويقولون : هو بمنزلة مرفوع لا ينصرف يلحقه التنوين فيبقى على لفظه وأبو عمرو بن
__________________
(١) عن الحسن (يا جِبالُ أَوِّبِي) بوصل الهمزة ، وسكون الواو ، مخففة من (آب : رجع) والابتداء حينئذ بضم الهمزة.
والجمهور بقطع الهمزة ، وتشديد الواو ، من (التأويب) وهو (الترجيع) ، أي : يسبح هو وترجع هي معه التسبيح.
وأما ما روي عن روح من رفع الراء من (وَالطَّيْرَ) نسقا على لفظ (جِبالُ) أو على الضمير المستكن في (أوبي) للفصل بالظرف فهي انفراده لابن مهران ، عن هبة الله بن جعفر ، عن أصحابه عنه ، لا يقرأ بها ، ولذا أسقطها صاحب الطيبة على عادته رحمه الله تعالى ، والمشهور عن روح النصب كغيره ، عطفا على محل (جِبالُ)[إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٣٨٣].