شرح الثالث : وهو إضافة أفعل إلى ما هو بعض له :
إذا قلت : (زيد أفضل القوم) فقد أضفته إلى جماعة هو أحدهم تزيد صفته على صفتهم وجميعهم مشتركون في الصفة تقول : عبد الله أفضل العشيرة فهو أحد العشيرة وهم شركاء في الفضل والمفضل من بينهم يزيد فضله على فضلهم ويدلّك على أنه لا بد من أن يكون أحد ما أضيف إليه أنك لو قلت : زيد أفضل الحجارة لم يجز ، فإن قلت : الباقون أفضل الحجارة صلح وأفضل هذه لا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث وهي (أفضل) التي إذا لم تضفها صحبتها (منك) تقول : فلان خير منك وأحسن منك.
وقد اختلف الناس في الإحتجاج لتركيب افعل في هذا الباب وجمعه وتأنيثه فقال بعضهم : لأن تأويل هذا يرجع إلى المصدر كأنه إذا قال : قومك أفضل أصحابنا قد قال : فضل قومك يزيد على فضل سائر أصحابنا ، وإذا قلت : هو أفضل العشيرة فالمعنى أنّ فضله يزيد على فضل كل واحد من العشيرة وكذلك إذا قلت : زيد أفضل منك فمعناه : فضله يزيد على فضلك فجعلنا موضع : يزيد فضله أفضل تضمن معنى المصدر والفعل جميعا وأضفناه إلى القوم وما أشبههم وفيهم أعداد المفضولين لأنك كنت تذكر الفضل مرتين إذا أظهرت (يزيد) فتجعل فضلا زائدا على فضل زائد فصار الذي جمع هذا المعنى مضافا وقال آخرون : (أفعل) إنما لم يثن ولم يجمع ولم يؤنث ؛ لأنه مضارع للبعض الذي يقع للتذكير والتأنيث والتثنية والجمع بلفظ واحد وقال الكوفيون وهو رأي الفراء أنه إنما وحّد أفعل هذا ؛ لأنه أضيف إلى نفسه فجرى مجرى الفعل وجرى المخفوض مجرى ما يضمّن في الفعل فكما لا يثنى ولا يجمع الفعل فكذا لا يثنى هذا ولا يجمع.
قال أبو بكر : وأشبه هذه الإحتجاجات عندي بالصواب الاحتجاج الأول والذي أقوله في ذا أن (أفعل) في المعنى لم يثن ولم يجمع ؛ لأن التثنية والجمع إنما تلحق الأسماء التي تنفرد بالمعاني (وأفعل) اسم مركب يدل على فعل وغيره فلم يجز تثنيته وجمعه كما لم يجز تثنية الفعل ولا جمعه لما كان مركبا يدل على معنى وزمان وإنما فعلت العرب هذا اختصارا للكلام وإيجازا واستغناء بقليل اللفظ الدال على كثير من المعاني ولا يجوز تأنيثه لأنك إذا قلت : هند أفضل